مصطلحات تخفي الأهداف الحقيقية...

مصطلحات تخفي الأهداف الحقيقية...

كثيرة هي المصطلحات التي تحفل بها الأخبار الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية، وفي أحيان يتم إقحام معلومات باعتبارها خلفية للخبر المراد نشره، وتكون هذه الخلفية أهم من الخبر نفسه، وتهدف إلى حشد موقف القرَّاء والمشاهدين ضد أو مع هذا الطرف أو ذاك، وهنا كانت واحدة من أعرق محطات الإذاعات والتلفزة العالمية بأنها تدس السمَّ في العسل، وتراعي الدقة المهنية مع سقف عال من الحريات، فالهدف الكبير لتمرير مواقف غاية في الأهمية والخطورة.

ومن هذه المصطلحات الاقتصادية...قررت لجنة اسعار المحروقات تعديل اسعار البنزين والديزل والكاز، وهنا يتبادر الى ذهن المتابع ان اللجنة تسعى إلى العدالة في قراراتها لأن التعديل مشتق من العدل، وعندما تخفض اللجنة اسعار البنزين بعشرة فلوس / لتر تعلن عن تخفيض الأسعار باعتباره منحة ومكافأة للمستهلكين، ومن القرارات المالية ( الضريبية) .. وزارة الصناعة والتجارة ستوجه الدعم الى مستحقيه، وان ذلك لن يمس الشرائح الاجتماعية الفقيرة والمتوسطة، إلا أنه مع التطبيق سرعان ما يدفع الفقراء ثمنا غاليا جرّاء المضاعفات الاقتصادية الناتجة عن رفع اسعار سلع ارتكازية، ترفع الأسعار بصورة غير مباشرة.

سياسيا المصطلحات المستخدمة في الاخبار ذات الصبغة السياسية اكثر ضراوة، ومن وكالات الاخبار الغربية الناطقة بلغة عربية رصينة (قام جيش الدفاع الاسرائيلي بالرد على المتظاهرين في الاراضي الفلسطينية، وبحسب مصادر رسمية فقد قُتل وجُرح عشرة فلسطينيين، ويظهر الخبر وكأن الأمر مجرد صراع بين طرفين لديهما الاسلحة)، وفي خبر آخر... قتلت قوات النظام السوري 130 الف مدني منذ اندلاع الثورة السورية، ويتم التجاوز على الحقيقة دون ذكر اعداد القتلى الذين سقطوا على ايدي المعارضة من داعش والنصرة وغيرهما، ويضيف الخبر أن طائرات النظام السوري قصفت قوات المعارضة باستخدام طائرات ميغ ( وهي طبعا روسية الصنع)، وقصفت بصواريخ بعيدة المدى من طراز سكود ( وهي روسية الصنع)، ولا تقدم أية معلومة عن الأسلحة التي تستخدمها المعارضة ومصادرها، علما بأن معظمها حديثة الصنع من مصادر غربية ( امريكية وأوروبية).

إسرائيل التي تمتلك أكبر ترسانة عسكرية في المنطقة عندما هاجمت جنوب لبنان وقطاع غزة، كان الموقف الامريكي يصف الموقف بأنه افراط باستخدام القوة، ويُعلن أن من حق اسرائيل الدفاع عن النفس، وتتجاوز عن استخدام الاسلحة المحرمة دوليا من قذائف ( الـ نابلام، الفسفوية، والانشطارية)، وتلقى باللوم على الفلسطينيين في قطاع غزة ومناطق السلطة الوطنية الفلسطينية.

والأصعب من كل ذلك ان معظم وسائل الإعلام العربية تأخذ الاخبار من الوكالات العالمية دون تدخل فيها او تحريرها كما يجب، وتكون في موقع الترويج لبعض الوكالات واخبارها، اما بعض مذيعي او مذيعات القنوات فيقدمون الاخبار ويطرحون الاسئلة على المشاركين في قنواتهم كما «الببغاء»...المطلوب من وسائل الإعلام العربية الانتباه لسيل جارف من المصطلحات يؤذي القرَّاء والسامعين والمشاهدين...اذ ليس كل ما يلمع ذهبا.

الدستور

أضف تعليقك