هل ستتصاعد حدّة الاحتجاجات والحراكات الشعبية في «رمضان» أو انها ستتراجع؟ سألت بعض الناشطين في حركة الشارع فأكدوا أن لديهم «برنامجاً» لفعاليات متعددة بعضها نهاري والآخر بعد الافطار، وأبدوا تصميمهم على الاستمرار حتى تعود مركبة «الاصلاح» إلى طريقها المعبد.
إذا أضفنا إلى الارادة القوية التي يمتلكها هؤلاء الشباب للبقاء في الشارع والالحاح على المطالبة بالاصلاح عوامل اخرى مثل «وطأة» الصيام في شهر تشهد فيه درجات الحرارة أعلى ارتفاع لها، واحساس الناس بضيق ذات اليد، وتلكؤ التقدم نحو اصلاحات جدية ومقنعة، واشتعال الحرائق في الاقليم وامكانية ظهور مستجدات ومفاجآت في ملفاته، فإننا سنكون عندئذ أمام اندفاعة جديدة في زخم الشارع، وبدل أن يتزامن الصيام عن الطعام والشراب مع الصيام عن «السياسة» سيحدث العكس.
ميزة الحراكات في الشارع أنها ما تزال محدودة وخجولة، وعنوانها الابرز هو «العتب» على الدولة، واحياناً الغضب من أجلها، وهي – بالتأكيد – تعرف ما لا تريده لكنها لم تصل بعد إلى «افراز» برنامج لمشروع اصلاح وطني يحظى بتوافق عام، ورغم محاولاتها لتنسيق جهودها الا انها ما تزال تعاني من «حالة» تشتت، لكن هذا لا يعني ابداً أنها «منقسمة» على نفسها أو انها لا تؤثر في محيطها، على العكس تماماً، فهي تمسك بزمام «المبادرة» وقد استطاعت احياناً أن توجه «النقاش» العام والقرار السياسي في اتجاهات محددة، وفشلت احياناً في هذا المجال.
امكانية الوصول الى تفاهمات مع هذه الحراكات ممكن (دعك من انه ضروري) والارضية المتاحة لذلك هو اخراج «الاصلاح» من دائرة الاستعصاء والجدل وتقديم خطة عملية واضحة ومحددة لتنفيذ المطالب وفق حدها الادنى المقنع للناس، واعتقد أن افضل توقيت لاشهار مثل هذه «المصالحة» الوطنية هو شهر رمضان، نتذكر هنا – مثلاً – كيف انطلقت رسالة عمان في رمضان ووجدت صداها في ايجاد «توافق» اسلامي حول موضوع العنق، اليوم نحن بحاجة الى نموذج مشابه، إن شئت «رسالة مصالحة» وطنية تحسم الجدل حول قضية الاصلاح، وتطمئن الناس على «الدولة» وتفتح امامهم الامل من جديد.
يمكن ان تنطلق هذه المبادرة من أعلى مستويات القرار السياسي، وأن تتوجه للاردنيين بخطاب عملي يضع حداً لتراكمات المخاوف والشكوك التي «تولدت» على امتداد الشهور الماضية، ويمكن ايضاً ان تنطلق من قبل «تجمع وطني» يضمخ شخصيات تحظى بالموثوقية الشعبية والقبول العام وتتوجه الى الجميع، على أن تحدد ملامح الاصلاح المطلوب وتطالب الدولة بالالتزام به.
بعد تجربة عام ونصف العام من الشد والجذب، والتقدم خطوة والتراجع اثنتين، وبعد ان وصل الجميع الى طريق مسدود، واصبحت الازمة تتغلغل داخل المجتمع، اصبح من الضروري ان نبحث عن «مخرج» او عن «مصالحة» وطنية تحمي بلدنا من الانزلاق الى ما لا نتمناه ونريده، واحسب ان استثمار موسم رمضان لانجاز ذلك اختيار مناسب، ذلك ان الرهان على مواصلة «الدوران» في الحلقات المفرغة انكشفت خساراته، كما أن الركون الى «احتواء» الشارع واقناع القوى السياسية بصفقة ما مضيعة للوقت.
مصالحة وطنية في رمضان، تبدأ بمراجعة واعتراف بالاخطاء، وتنتهي الى صفحة جديدة من الاعتذارات والمحاسبات وتطمين الناس على بلدهم ومستقبل أبنائهم، هذا افضل ما يمكن ان نفكر به وننجزه.. فهل سنفعل ذلك؟.
span style=color: #ff0000;الدستور/span