مشهد انتخابي يبعث على الإحباط
صحوات عشائرية يغذيها قانون انتخاب يكرس الولاءات التقليدية
بعد انقضاء شهر رمضان المبارك وعطلة العيد يتوقع ان نشهد حراكا انتخابيا ملموسا مع بدء العد التنازلي لفترة الترشيح.
اجازة العيد كانت بحد ذاتها مناسبة للدعاية الانتخابية من طرف المرشحين وفرصة للتواصل مع القواعد الانتخابية والعشائرية.
الحوارات التي تجري بين الناس تنصب في مجملها على موضوع الانتخابات, فالملف بدأ يستقطب الاهتمام بشكل اكبر. لكن ما يدور من نقاشات في الجلسات العامة والخاصة يبعث على الاحباط حقا .. ففي مثل هذه اللقاءات نكتشف مستوى التراجع في الروابط الوطنية والسياسية لصالح الولاءات العشائرية والمناطقية والطائفية الضيقة. ووسط الجدل الذي يدور يدرك المرء كم كان الخيار الحكومي في قانون الانتخاب بائسا وعديم الفائدة.
في محافظة مثل الكرك التي عرفت بتاريخها السياسي وحضورها الكبير في الخارطة الحزبية ودورها المعروف في إحداث التغيير الديمقراطي قبل عشرين سنة تقريبا, تكاد لا تسمع غير صوت العشيرة في الانتخابات. الكل مهموم بالبحث عن موطئ قدم لعشيرته واحيانا لفخذ من افخاذه فاعتماد صيغة الدوائر الافتراضية في قانون الانتخاب افرز حالة غير مسبوقة من الصراع الداخلي في اوساط العشائر والمناطق والبلدات.
واللافت في المشهد ان الفئات الشابة التي تزعم الحكومة انها قائد التغيير منخرطة حتى أذنيها في لعبة الاصطفاف العشائري والجهوي وهي التي تقود ما يمكن وصفه بحركة الصحوة العشائرية فيما الهم العام والشأن الوطني يتوارى خلف الكواليس ويفاقم هذا الغياب مقاطعة قوى حزبية رئيسية الانتخابات.
وقد يرد احدهم بالسؤال: ما الجديد فيما تقول, فقانون الصوت الواحد مطبق منذ 17 سنة وبموجبه جرت 4 دورات انتخابية?
هذا صحيح بالطبع, لكننا نعرض لمشهد الانتخابات الحالي لنرد على المزاعم التي تقول ان قانون الانتخاب المؤقت الذي أقرته الحكومة مختلف عن السابق و»خطوة الى الامام« و»نقلة نوعية ... الخ« من الكليشهيات التي استخدمت لترويجه. وهو في الحقيقة ليس إلا نسخة مشوهة عن القانون السابق لا بل أسوأ منه.
ندرك جميعا ان المجتمع الاردني يقوم على البناء العشائري والجهوي والاقليمي ولانه كذلك كنا نطمع بقانون انتخاب يساعد الناس على تخطي الولاءات التقليدية لحساب الروابط المدنية والوطنية ويدفع بعملية الاصلاح السياسي خطوة واحدة الى الامام.
لكن ذلك لم يحصل للأسف. ومن جديد تركنا المجتمع يغرق في وحل الصوت الواحد المجزوء بطبيعته الاخيرة لتضيع اربع سنوات اخرى على الدولة والمجتمع ويحقق دعاة نظرية الخوف من الاصلاح السياسي نصرا جديدا.
من يراقب المشهد الانتخابي الحالي سيلحظ على الفور ان المشاركة او مقاطعة الانتخابات لا فرق بينهما والحصيلة واحدة ما دام قانون الانتخاب على حاله.0
العرب اليوم