مسودة مشروع ضريبة الدخل
سارعت الحكومة لتعديل مسودة مشروع قانون ضريبة الدخل المثير للجدل، والذي اعتبرته الفعاليات الاقتصادية مثبطا للعملية الاقتصادية، ولا يخدم التنمية المنشودة، خاصة في مجال استقطاب الاستثمارات الخارجية للمملكة.
الحكومة ساوت في النسب الضريبية المفروضة على القطاعات الاقتصادية الكبرى في الاقتصاد الوطني، حيث وحدت تلك النسب على شركات الاتصالات والبنوك والتعدين والتأمين والوساطة المالية والشركات المالية والتأجير التمويلي بنسبة 35 بالمائة.
المسودة الجديدة لمشروع قانون ضريبة الدخل يتضمن تخفيضا ضريبيا لهذه القطاعات مقارنة عما كانت عليه في المسودة السابقة، حيث كانت ترتب على شركات الاتصالات والبنوك 40 بالمئة ضريبة دخل.
اما ضريبة الدخل على الشركات الاخرى فتبلغ في المسودة الجديدة 15 بالمئة عن كل دينار الى 100 الف دينار و25 بالمئة عن كل دينار اكثر من 100 الف دينار، في حين تبلغ قيمة الاعفاءات الممنوحة للافراد 9 الاف دينار، و18 الف دينار للعائلة، وتتراوح قيمة ضريبة الدخل على الافراد، بين 10 بالمئة وتصل الى 25 بالمئة.
الملاحظ انه لا يمكن باي حال من الاحوال ان تكون هناك حالة اجماع على مشروع قانون لضريبة الدخل بين الفعاليات الاقتصادية او حتى الافراد، فتضارب المصالح سمة تسود سلوكيات المعنيين، والكل يسعى ضمن هذا الاطار الى الدفاع عن مكتسباته وتعزيزها ان امكن، والكل يروج لدوره ومكانته في التنمية على اعتبار انها محورية، ولا يمكن رفع الضريبة عليه باعتبار ان ذلك يؤدي الى نتائج عكسية.
فالتجار على تضارب شبه كامل مع الصناعيين، وشركات الاتصالات ترى ان الواقع الضريبي الراهن يقع ضمن السقوف العليا التي يمكن لها ن تتحملها، واكثر من ذلك يجعل بيئة الاعمال في الاردن طاردة لاستثماراتهم، وشركات التعدين تقول انه لايمكن في ظل المنافسة الخارجية وارتفاع كلف الطاقة ان تكون هناك اية زيادات ضريبية جديدة عليها، لذلك من واجب الحكومة ان تخفض الضرائب والرسوم لتعزيز تنافسيتها في الاسواق الدولية وبما يضمن استمراريتها وتطور اعمالها.
اما البنوك فهي تؤكد على الدوام بطرق مباشرة وغير مباشرة ان اية التزامات ضريبية جديدة عليها يعني ان ذلك سينعكس على كلف الاقراض والفائدة التي سيتحملها المقترض ايا كان، ولا يساهم بتوسيع اعمال وانشطة البنوك، ويحد من قدرتها على التوظيف وخلق فرص عمل جديدة للاردنيين.
والامر لا يختلف على الافراد، فهم يحصلون على ميزات واعفاءات عالية ضمن القانون الراهن المعمول به حاليا، وبالتالي تعتبر في نظر الكثير مكتسبات لا يمكن التنازل عنها، لذلك يدفع من خلال الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني والنواب الى تشكيل لوبيات ضغط للحفاظ على تلك المكتسبات او زيادتها ان امكن.
في النهاية لا يمكن لاي قانون ضريبة ان يحقق حالة توافقية، لكن بامكانه ان يكون ركنا اساسيا لاية خطة اقتصادية لتحفيز الاقتصاد الوطني وتحريك مكوناته باتجاه نمو مستدام.
جريدة الراي