#مسلسل_سيلفي_طويل

#مسلسل_سيلفي_طويل
الرابط المختصر

 

إنه الإعلام السعودي صاحب أقوى نفوذٍ، في الوطن العربي، لا يقوى حتى خصومه على التخلص منه- منشغلون دائماً بالرد عليه، وإن ادعوا خلاف ذلك- ومثلهم كاتب هذه السطور، الذي تابَع  مع ملايين غيره الحلقتين الثانية والثالثة من مسلسل "سيلفي" باعتباره "جهاد ضد من يعتقدون أنهم يجاهدون"، بحسب وصْف بطله ناصر القصبي!

 

مروّع حد الإسفاف أن تختزل أكبر فضائية عربية، جمهوراً وحجم إعلانات، صورة تنظيم "داعش" على النحو الذي قدّمه العمل، ورحّب به مشاهدون كُثر يصرون على التطهر من أفعال الجماعات الإرهابية بغض النظر عن ضعف ما تعرضه الدراما والصحافة عنها، ويخلدون عقب ذلك إلى النوم على أملٍ ألاّ تفاجئهم كوابيس لا يريدون رؤيتها في الواقع.

 

المتطهرون يتماهون مع أنظمتهم الحاكمة، وفي مقدمتها السعودية، التي تسمح لتيار ليبرالي فيها أن ينتقد كل مظاهر التشدد من دون أن يُقرن، ولو لمرة واحدة، بين هذه الأفعال وبين السلطة التي ترعاها، ولا زالت تتحالف مع المؤسسة الدينية الأكثر تطرفاً في العالم، ممثلةً بالوهابية، ومع انتهاء حفلة الانتقاد "المجانية" ينسى المواطنون، أو يتناسون، سؤال حكوماتهم عن النهاية المتوقعة لمسرحية "محاربة الإرهاب".

 

صنّاع الدراما السعودية يقتدون بنظرائهم المصريين، حين يؤكدون على رسالة مفادها أن  المجتمع يقع ضحية أخطار خارجية أو جهلٍ من دون البحث عن دوافع تكوينه الأساسية، والتي تشكل عناصر سعودية ومصرية خالصة الكثير منها، لأن هذا البحث يتناقض مع محاولات ناصر القصبي وقبله عادل إمام في التغطية على المستفيد الأول؛ السلطة وتحالفاتها.

 

تجدر الإشارة إلى أن المعترضين هم مواطنون خليجيون خاصةً، وعرب عامةً، يقيمون في دولهم، وليسوا أفراداً في تنظيم الدولة، كما تردد الشركة المنتجة من أجل تسويق مسلسلها، ولدى التدقيق في مضمون الاعتراض يظهر أن أصحابه يعتقدون بأن العمل "يسيء إلى الإسلام"، وهي ردة فعل طبيعية لأناس يشاهدون على المحطة ذاتها، التي تعرض "سيلفي"، برامج لدعاة وهابيين لا تختلف أفكارهم عن تلك التي يتبناها الدواعش.

 

المحطات السعودية، والعربية في معظمها، هي المسؤولة عن الخلط في تقديم الإسلام، بعد عقود طويلة من نشر الخرافة وتكريس التطرف، إلى درجة لم يعد لدينا مؤمنون بسطاء –يمتلكون إيمان العجائز الذي تمناه عمر بن الخطاب- بل أصبح لدينا مسلمون إرهابيون يحملون السلاح ضد الدولة، أو مسلمون خائفون إن نجوا القتل، حرقاً أو تفجيراً، فلن يتجنبوا استمرار توظيف الأنظمة للدين، ولعبها على وتر الخلافات بين التيارات الدينية، بما يؤجل نهايتهم قليلاً.

 

وخوفاً من اتهامي بالانتقائية، عليّ الاعتراف ببقية التفاصيل؛ ثمة "جدلٍ" بين "إصلاحيين" و"محافظين" في السعودية ما يكفي لإشغال الإعلام العربي ووسائل التواصل الاجتماعي طوال رمضان وما بعده، وأن هذا الاختلاف ينعكس أحياناً على سوق الإعلانات، فيتضرر قليلاً جراء ذلك.

 

خلاصة القول لا تلغي أن "سيلفي" يحمل عنواناً مطابقاً لمضمونه، إذ نصوّر ذواتنا وحياتنا بـ"يدنا"، ونُقنع أنفسنا والآخرين أنها الصورة الوحيدة التي تمثلنا!

 

  • محمود منير: كاتب وصحافي. محرر “تكوين” في عمان نت.
أضف تعليقك