مزاج راديكالي يسيطر على الأردنيين

مزاج راديكالي يسيطر على الأردنيين
الرابط المختصر

الشكوك تحاصر خطوات الدولة الاصلاحية وترفع سقف الشعارات .

يسيطر على الاردنيين في الاونة الاخيرة مزاج راديكالي لم نعهده بهذه الحدة من قبل , وعلى الاخص في اوساط الشرق اردنيين . بعض الشعارات والهتافات التي ترفع في المسيرات تجاوزت السقوف المعهودة في النقد , حوارات الدواوين والندوات في المحافظات والتعليقات على المواقع الالكترونية مقلقة للغاية , وتشير الى اتجاه متصاعد في النقد كانت بعض ملامحه حاضرة منذ سنوات سابقة , لكن اجواء الربيع العربي اعطت لهذا المستوى من النقد مساحة اكبر .

مظاهر الرديكالية تتجلى ايضا في حالة الشك حيال كل خطوة اصلاحية تخطوها الدولة او تنوي عليها . في النقاشات الدائرة الان حول التعديلات المرتقبة على الدستور يميل اغلب من نحاورهم الى التشاؤم , واللافت ان الحالة لاتقتصر على الاوساط المحسوبة على المعارضة التقليدية , فهؤلاء عقلانيون اكثر من النخب الجديدة والفئات المحسوبة تاريخيا على خط الدولة ومن مسؤوليين ووزراء سابقين احيانا .

تأكل الثقة بمؤسسات الدولة , وتردي الاوضاع الاقتصادية لفئات واسعة في المجتمع , والشكوى المريرة من تفشي الفساد , يمكن ان نعدها اسبابا رئيسية لهذه الحالة . لكن هناك اسبابا اخرى لاتقل اهمية ابرزها قلق الاردنيين المتصاعد على هويتهم وشعور بعضهم ان الدولة تكاد ان تضيع من بين ايديهم بسبب النهج المتبع في ادارة الدولة سياسيا واقتصاديا , وما يعتبرونه تفريطا في مكتسباتهم وحقوقهم .

ويحمل الكثيرون منهم النخب التي تعاقبت على الحكم في السنوات الاخيرة المسؤولية عما آلت اليه الاوضاع , وما يدفعهم لرفع وتيرة الانتقادات قناعتهم بأن هذه النخب " الفاسدة " ما زالت تمسك بالقرار , وان النهج الذي قاد الى الفشل سارٍ لغاية الان . وعليه يخلص هؤلاء الى ان الاصلاحات الموعودة هي مجرد خطوات شكلية ووهمية لن تغير في الواقع شيئا .

لايمكن للاردنيين ان يتمردوا على نظامهم الملكي , لكنهم يشعرون بالضيق الشديد ويحاولون بشتى الوسائل ان يسمعوا صوتهم وفي غياب الاستجابة السريعة والكافية يخشى ان تفلت اعصاب الناس , و في مثل هذه الظروف يمكن لاحتجاج شعبي بسيط على انقطاع المياه ان يتحول الى مواجهة اكبر يندفع خلفها جمهور واسع وبشعارات اعلى من المعهود .

ويبدو لي ان الدولة لاتدرك لغاية الان خطورة الحالة , وان كان الامر عكس ذلك , فأن السياسات والاساليب المتبعة لاترقى الى المستوى المطلوب بدليل ان المزاج الراديكالي في تصاعد مستمر ويكاد ان يصبح سمة عامة لنقاشات الناس المفتوحة .

العرب اليوم

أضف تعليقك