مرارة الديسي .. مدخل لبناء الطبقة الوسطى

مرارة الديسي .. مدخل لبناء الطبقة الوسطى

(1)

ربما كانت باكورة استخدامنا السيىء لمواردنا المائية وارضنا الزراعية ، حين اهدينا بضعة اشخاص يملكون بضع شركات 100( الف دونم) من اراضينا الزراعية المروية في الجنوب باحدى وخمسين بئرا ، تستهلك سنويا 100 مليون متر مكعب من الماء الزلال الموجود في باطن الأرض ، في الديسي وما حولها وهو ماء غير متجدد..،. وأقول أهديناها لأننا اعطيناهم الأرض بواقع ايجار 100 فلس ـ الدونم ـ عام ، وبأسعار مياه تكاد تكون لا شيء.

وكانت راهنت الحكومة على هذا المشروع (الاستراتيجي) كونه سيحقق لنا جزءا كبيرا من حاجاتنا من الاعلاف ومن اللحوم الحمراء.

(2)

لكن حساب القرايا ، لم يكن مثل حسابا السرايا ، فقد أقدم مالكو هذه الشركات على تحويل هذه المساحات لزراعد الخضروات ، مما زاد من فائضنا الوطني من انتاج الخضروات ، فأغرقت الاسواق وترتب على ذلك خسارات كبرى لمزارعي الخضروات في مناطق المملكة المختلفة. بل وان مشاريع الديسي تعتمد الى حد كبير على العمالة الوافدة ، بل وانها تتخلف عن دفع اثمان المياه ، مما دفع الحكومة الى ان تشتكي أمام القضاء مطالبة بحقوقها. ونعلم ان قرارات قطعية بهذا الشأن قد اخذتها المحاكم ، ولا أدري اذا كانت قد نفذت أو تم الحجز على ممتلكات هذه الشركات أو قطعت المياه عن هذه المزارع (ذات الانتاج غير الاستراتيجي).. ذلك اننا نعلم بأن ادارة المياه وحين يتخلف مواطن عن دفع فاتورته ، فانها لا تتورع عن وقف الضخ عن هذا المواطن.. فهل تم ذلك الاجراء؟ أم ان فوق رؤوس هؤلاء ريشة،.

(3)

ان العقد مع هذه الشركات يشارف على الانتهاء ، وانني أطالب الحكومة بعدم الانصياع الى طلبات تجديد هذه العقود مع هذه الشركات ، وان تقوم الحكومة بالمقابل باستخدام اراضي ومياه الديسي ، كمدخل لترجمة توجيهات الملك في احياء الطبقة الوسطى ، عبر توزيع هذه الاراضي المروية على الشباب (الاولوية لشباب المنطقة) ، بواقع 30 دونما لكل شاب ، وتأسيس جمعيات تعاونية تشرف على توزيع المياه وتحديد نوعية الزراعات وفق الاحتياجات الوطنية والاعتناء بقضايا التسويق بمراحله كافة ، حيث سيستفيد من هذا المشروع بهذه الطريقة اكثر من ثلاثة آلاف اسرة ، يمكن ان أحسنا ادارة هذه الفكرة ان نسهم في تعزيز الطبقة الوسطى والتخفيف من البطالة وانتاج ما نحتاج اليه من الاعلاف واللحوم الحمراء وخلافه.

(4)

وبعد ، (لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين) ، وقد لدغنا في الديسي وما حولها كما لدغنا في مشاريع أخرى ، بنينا عليها آمالا كبرى وقدمناها (لمستثمرين كبار) وكانت النتيجة ان احبطت آمالنا وضاعت مواردنا دون ان تحسن من بنيتنا الاقتصادية والاجتماعية ، وان يكون المستفيدُ نفرا بسيطا من الناس يستخدمون بوابة الاستثمار وحرية السوق لمصادرة مواردنا رغم شحتها.

درس الديسي بليغ ، يجب ان لا يمر دون ان نستفيد منه للمستقبل.

[email protected]

الدستور

أضف تعليقك