محاكمة اشخاص أم محاكمة مرحلة?

محاكمة اشخاص أم محاكمة مرحلة?
الرابط المختصر

يتحمس الكثيرون في متابعة توقيف أو محاكمة هذا الوزير السابق أو ذلك المسؤول من اجل معاقبته أو بهدلته أو استرداد ما دخل حسابه البنكي من اموال الخزينة أو اموال استغلها من خلال موقعه الوظيفي, لكن هل ما يجري هو محاكمة لأشخاص بذواتهم ام محاكمة نهج ونمط سياسي قاد البلد خلال فترة محددة, فسد فيها وافسد الآخرين واضر ب¯البلاد والعباد ماديا وسياسيا?

واذا اتفقنا بان الاسماء بحد ذاتها ليست مهمة, فلا داعي لاطلاق الاشاعات عن هروب هذا المسؤول أو ذاك أو تهريب الاموال والوثائق أوغيره, لأن محاكمة مرحلة سياسية محددة يعني محاكمة الاشخاص والسياسات والقرارات ولا يكتفى بالفساد المالي أو الاداري بل بمراجعة شاملة للوضع العام للدولة, اين كنا واين اصبحنا ? وهذا الأمر يشمل المديونية كما يشمل تدني ثقة المواطن في الدولة واجهزتها كافة وهذا يشمل القصر الملكي والسلطات الثلاث والانتخابات البلدية والنيابية.

واذا اردنا تحديد المرحلة التي نتحدث عنها, فإنها تبدأ منذ اطلاق برنامج الخصخصة في بدايات التسعينيات من القرن الماضي إلى ان اشتد الامر في العشر سنوات الماضية بسيطرة التيار الليبرالي على مراكز صنع القرار وخلط الاوراق وتوريط الديوان الملكي, وتشكيل اللجان الموازية للسلطة التنفيذية واطلاق المبادرات, والتغول على السلطة التنفيذية عبر قرارات منسوبة لجلالة الملك.

وهكذا دخلنا (سن سن ) في عجلة الفساد والافساد لأن السلطة المطلقة المنفلتة من الرقابة تتحول الى "مفسدة واستبداد" وهذا جرنا الى تضخيم عجز الموازنة والاثراء غير المشروع وإلى تزوير ارادة الناخبين وتراجع ثقة الناس بالنظام واجهزته.

لا احد في الوظيفة العامة مستثنى من المسؤولية,افرادا أو مؤسسات, فالساكت عن تجاوزات تلك المرحلة مسؤوليته مثل المشارك فيها, وهنا رأينا كيف صوغ الليبراليون في مرحلتهم المنفلته تجاوز الصلاحيات وتداخلها واصبحت السيطرة تامة على السلطتين التنفيذية والتشريعية.

وهنا انطلق عقال الخصخصة ليس بوصفه مبدأ اقتصاديا بل سياسيا, وتم تشريع بيع مؤسسات الدولة ليس لأنها متعثرة, بل لأن الهدف هو تفكيك الدولة والسيطرة عليها وهذا ما اضر سمعة الحكم والنظام لدى الرأي العام الذي نراه اليوم محتجا في الشوارع.

ليس المهم جلب فلان أو علان, المهم اولا استعادة هيبة الدولة القائمة على سيادة القانون الذي لا يرحم مخطىء مهما كان خطأه, وثانيا لا بد من إستعادة كل فلس سرق من الخزينة أو دخل الجيب من دون وجه حق, وكذلك اجراء محاكمة سياسية للنهج لأن هناك من لم يثر مع انه اتخذ قرارات اضرت بالدولة والناس مثل تزوير الانتخابات البلدية والنيابية.

العرب اليوم