مجلس النواب أمام فرصة تاريخية

مجلس النواب أمام فرصة تاريخية
الرابط المختصر

لم يعد من نافلة القول التأكيد أن مجلس النواب أمام لحظة تاريخية، لم تتح لمجلس آخر منذ عودة الحياة النيابية عام 1989، فهذا المجلس؛ وقد ساقته الأقدار ليقوم بمناقشة واقرار أهم تشريع في الحياة السياسية.. قانون الانتخاب ، قادر على أن يسجل حدثا مهما في تاريخ الحياة النيابية ، كفيل بنقل البلاد الى مرحلة سياسية جديدة، وقادر ان يعيد للمجلس هيبته وقدرته، وأن يكنس ما لصق وأحيط به، وما أثير من خلافات حول الامتيازات والمكتسبات” الجوازات الحمراء، التقاعد”.. والتي لا تتناسب مطلقا، مع أهداف وغايات المجلس، القائمة على المراقبة والمساءلة والمحاسبة، وقبل ذلك، أن يكون قدوة ومثالا للاخرين .. فالنائب وفقا للتقاليد والادبيات البرلمانية المعروفة في العالم كله، ليس موظفا؛ بل هو ممثل للشعب، يفرض عليه منصبه أن يكون بعيدا عن الشبهات والمكاسب والصفقات، واي سلوك تشتم منه رائحة الانتهازية.

ومن هنا نعتقد أن هذا المجلس، وهو يضم كفاءات وطنية مشهودا لها بالنزاهة، والانخراط في العمل العام، وتأييد الحراك الشعبي، قادر على تشريع قانون انتخاب على غرار قانون 1989، لا بل يتفوق عليه، بعد أخذ المستجدات والمتغيرات التي عصفت بالاردن والمنطقة بعين الاعتبار، يحظى بقبول الحراك الشعبي، وكافة الاحزاب، والقوى السياسية، ومؤسسات المجتمع المدني، وقادر على تمثيل الاردنيين كافة خير تمثيل ، مستفيدا من تجارب الدول الشقيقة وخاصة مصر وتونس والمغرب؛ والتي هي نتاج الربيع العربي، حيث تجسد دساتيرها التحولات في هذه المجتمعات، وقد طوت القمع والفساد، وتؤسس لمرحلة جديدة تقوم على الديمقرطية والتعددية والانتخابات النزيه، التي تفضي الى تبادل السلطة، احتكاما الى صناديق الاقتراع، وتستأصل الفساد والمفسدين، وتنهي والى الابد ثلاثية “ القمع والفساد والتوريث” كما يقول المناضل منصف المرزوقي رئيس الجمهورية التونسية.

لا نريد أن نناقش مشروع القانون الذي اعدته الحكومة، وقد احتوى ايجابيات كثيرة أهمها :أنه طوى صفحة الصوت الواحد، الذي اساء الى الديمقراطية، وأصبح مرتبطا بالتزوير، وشراء الاصوات والفساد والمحسوبية ، وحول نواب الشعب الى نواب خدمات وحارات .... الا أن مشروع القانون المذكور مصاغ بحذر شديد، ومبنٍ على مخاوف من سيطرة الحركة الاسلامية، ومن هاجس الديمغرافيا ، وهي في المجمل مخاوف مبالغ فيها، ويجب ان لا تسيطر على عقولنا، وان تكبل حركتنا، ما دمنا اخترنا الديمقراطية كنهج للاصلاح، وارتضيناها الحكم والفيصل في كل شؤوننا وشجوننا .. ولا باس في هذا الصدد من الاشارة الى ما يجري في مصر، فرغم سيطرة الاسلاميين على مجلس الشعب ومحاولاتهم الانفراد بلجنة لتشريع دستور جديد، الا ان الاحزاب القومية واليسارية والليبراليين، والازهر وكثيرا من المؤسسات قاطعت هذه اللجنة، ما ادى الى اصدار المحكمة الدستورية قرارا بعدم شرعية هذه اللجنة ووجوب حلها، وهو ما اعلن الاسلاميون الامتثال له...اما المخاوف من الديمغرافيا، فهي غير واقعية ، وتشكل اساءة للوحدة الوطنية، ولا يرددها الا اعداء الاصلاح والمرتجفون من نتائجة ، وهي في النهاية اساءة بالغة للجميع ، وليس هناك من رد على هذا النفر الا اعادة الاستشهاد بمقولة المرحوم سليمان عرار “ كلنا اردنيون من أجل الاردن ، وكلنا فلسطينيون من اجل فلسطين” فالاردن ليس كسرعصا ... والشعب الفلسطيني لم يكفر بفلسطين، وقدم اكثر من نصف مليون شهيد وجريح ، وهو على العهد، وسينتصر بمساعدة الاشقاء، ويرد الهجمة الصهيونية الغاشمة ،ويحرر فلسطين كل فلسطين ، طال الزمن أو قصر.

باختصار.. ندعو مجلس النواب الى انتهاز اللحظة التاريخية الحاسمة ، باقرار قانون انتخابات ديمقراطي وعصري، يجسد مطالب وتطلعات الحراك الشعبي، قانون يشكل منعطفا تاريخبا حاسما، يشرع لمرحلة سياسية جديدة، قوامها الديمقراطية والتعددية ، والانتخابات النزيهة، وتداول السلطة؛ احتكاما لصناديق الاقتراع، قانون يستأصل الفساد .... قانون يجمع ولا يفرق، يوحد ولا يبدد . والله من وراء القصد.

الدستور

أضف تعليقك