"مبادرة" قدمت أوراقها.. فماذا أنتم فاعلون؟!

"مبادرة" قدمت أوراقها.. فماذا أنتم فاعلون؟!
الرابط المختصر

كسر ائتلاف "مبادرة" النيابي المكون من 29 نائبا كل "التابوهات" النيابية التي اعتدنا عليها سابقا، وقدم نفسه كشريك حقيقي يقدم مقترحات وحلولا ورؤى قابلة للتنفيذ للخروج من عنق الزجاجة التي تمر بها البلاد، سواء على الصعيد الاقتصادي أو الاجتماعي أو السياسي.

قدمت "المبادرة" أوراق اعتمادها، وعصارة التشابك الإيجابي الذي قامت به مع التنفيذيين، والقطاع الخاص، وقدمت خلاصة كل ذاك للرأي العام من خلال محاور متعددة وعلى غير صعيد، من شأنها خلق حالة من النهوض العام سواء على المستوى الاقتصادي عبر أوراق عمل تتعلق بالطاقة المتجددة والإيرادات والنقل، والسياحة والزراعة والمياه، والجانب التربوي من خلال قطاعي التعليم والتعليم العالي، والشأن السياسي من خلال تقديم رؤى قابلة للتنفيذ لتعزيز دولة المواطنة والقانون، وإشاعة الأمن والعدالة الاجتماعية، وصولا لقانون انتخاب مختلف، وتطبيق فكرة اللامركزية، وتعديلات دستورية تتواءم مع التطور والتقدم للأمام.

لا شك في أن فكرة "المبادرة" جديدة على العمل البرلماني بشكله السابق، الذي كان يعتمد على تشكيل كتل أغلبها غير منسجم في الرؤى والأهداف، وتتعثر عند أول منحى أو منعطف يتعلق بالشأن العام أو الحكومي، فكانت أغلب الكتل تتشكل لهدف واحد عنوانه رئاسة مجلس النواب وعضوية المكتب الدائم، على قاعدة "عد رجالك وارد الماء"، وسرعان ما تنشطر الكتل وتذهب ريحها.

المؤمل أن تكون "المبادرة" التي تشكلت بطريقة مختلفة أساسها الإيمان بهدف معين والدفاع عنه وتبنيه والعمل من أجل تحقيقه، وأن لا تقع لاحقا وخاصة في ظل توسعها وتمددها فيما كانت تقع فيه كتل برلمانية.

أوراق العمل التي قدمها ائتلاف "مبادرة" تستحق التوقف عندها، ودراستها بعناية وخاصة أنها جاءت نتيجة اجتماعات متواصلة ومناقشات ومقترحات عبر ورش عمل عقدت مع تنفيذيين حكوميين ومع القطاع الخاص والمجتمع المدني، وتلك الأوراق تضع حلولا قابلة للتنفيذ لتفادي الكثير من المشاكل الاقتصادية التي نعاني منها، وليس أدل على ذلك من رؤية المبادرة في استنهاض مشروع العبدلي، وتعزيز الدخل السياحي، وتقليص الإنفاق الحكومي، وغيرها من الأفكار التي تم التعامل معها ووجدت طريقها للتنفيذ من قبل الجهاز الحكومي.

وجود ائتلاف "مبادرة" تحت القبة لا يمنع كتلا وائتلافات أخرى من العمل، وتقديم أفكار ورؤى وطروحات قابلة للتنفيذ، ولا بأس من تعارك الأفكار والرؤى لما من شأنه تعزيز فكرة النهوض والعمل والبناء، ولا بأس أيضا من استنساخ وجهات نظر متطابقة طالما أن ذاك يصب في الصالح العام للدولة والمواطن، ويخفض عجز الموازنة، ويقدم حلولا واقعية لمشاكل طالما عانينا منها، ويصعد بمؤسسة مجلس النواب لدى الرأي العام، ويقدم المجلس مشرعا ومراقبا بعيدا عن الشعبوية، والخطابات الرنانة التي لا تنعكس على المجلس النيابي إلا سلبا لدى جمهور المواطنين والمراقبين.

الحاصل أن "مبادرة" قدمت أوراق اعتمادها، ووضعت الرأي العام والمجلس النيابي أمام ما اقترحته، ومنحت الحكومة شهرا للأخذ بما قدمته، وأعلنت أنها ليست ذراعا نيابية للحكومة للدفاع عنها، وإنما شريك إن أخذت الحكومة بما قدمته، ومعارضة للحكومة إن تخلت الحكومة عما قدمته من رؤى ومقترحات قابلة للتنفيذ، والأمل أن لا يكون ذاك شعارا مرحليا، وإنما رؤية وتنفيذ.

ما طرح كان إيجابيا، وينذر بمرحلة جيدة من العمل البرلماني والتشابك الإيجابي، والأمل أن لا يذهب بعض النواب والكتل مذهب مهاجمة ما قدمته "مبادرة"، وإنما تقديم الأفكار والرؤى كما فعلت، والانتقال للعمل الجمعي العام بحيث نصل في مرحلة من المراحل إلى صراع البرامج بديلا من صراع الأشخاص، الذي لا ينتج عملا جمعيا يمكن البناء عليه.

ائتلاف "مبادرة" قدم ما لديه حتى الآن، والأمل أن تقدم الكتل الأخرى ما لديها، من دون الذهاب لفكرة رفض الآخر، أو الانتقاص مما قدم، فماذا أنتم فاعلون؟!

الغد