ما فيش فايدة!!

ما فيش فايدة!!
الرابط المختصر

المرة الوحيدة التي زرت بها تركيا كانت خلال شهر رمضان في 2009، عندما قضيت بضعة أيام مع زوجتي فرح وأولادي سما وعمر في أنطاليا على شاطىء البحر، قبل التوجه إلى اسطنبول…

 

ذات يوم حول بركة السباحة مع العائلة، تفاجأت بأن أحضرت لي النادلة مشروبات مثلجة قالت أنها ضيافة من مجموعة لطيفة من حوالي عشرة أشخاص يجلسون خلفنا، وكانوا شباباً وزوجاتهم وأولادهم، فما كان مني إلا أن طلبت منها أن ترسل لهم أيضاً على فاتورتي ضيافةً من نفس ما كانوا هم يشربونه، وأذكر جيداً أنهم كانوا يتناولون "الموخيتو" البرازيلي، وبالفعل قامت بذلك وتبادلنا التحيات تحت شمس سماءٍ صافية…

 

 

وبعدها تفاجأت عندما لاحظت أن هذه المجموعة تتكلم العبرية، و أصابتني الصدمة، فالجماعة إسرائيليون في إجازة، واكتشفت يومها أن تركيا إردوغان تعج بالسواح الإسرائيليين بشكل كبير وملفت…

 

اقترب مني أحدهم بعد أن سمعني أتكلم بلغة عربية، وبدأ يعرف عن نفسه أنه يحب العرب ويحب السلام وأن مصيرنا أن نتعاون وننبذ الحروب، وقال أنه نجار يعيش في النقب، وأن أهم مورديه وزبائنه من قطاع غزة، وأن عمله تأثر كثيراً من الحرب الأخيرة قبل أشهر في نهاية 2008…

 

 

وهنا لم أقل له أنني أردني كما أفعل مع أي شخص عادي يسألني، بل عرفت نفسي بكل أدب بأني فلسطيني من نابلس، وأن إسم عائلتي هو ليس زيد البولندي أو زيد الهنغاري، كما هو حال أصل معظم يهود إسرائيل، وإنما زيد النابلسي، من قلب فلسطين…

 

 

قلت له أنا لا يوجد عندي مشكلة مع أي إنسان لمجرد أنه يهودي، ولكن أنت دولتك استولت على أرض وبيوت ومزارع وأملاك تعود لشعب آخر واقتلعتهم من مجتمعاتهم وقتلت أبناءهم وشردت عائلاتهم، وأن ما حصل في غزة في نهاية 2008 وبداية 2009 لم يكن حرباً وإنما كان مجزرة من طرف واحد أطلقت عليها دولتك إسم عملية "الرصاص المصبوب"، وهو فوسفور أبيض يحرق الجلد ثم يخترق العظم ليذيب النخاع الشوكي لأطفال غزة…

 

 

قلت له أن المشكلة بيننا ليست دينية أو عرقية، بل بكل بساطة هي حالة سرقة لوطن في وضح النهار، وأن الحروب سوف تنتهي ويعيش الإنسان بسلام فقط عندما تعيدون الحق لأصحابه وتتوقفوا عن احتلال وإذلال شعب آخر بأكمله، ثم نزلت إلى الماء لئلا يستمر الحديث فيصبح تطبيعاً…

 

 

عند عودتي من السباحة، طلبت من النادلة نفسها أن تحضر لي الفاتورة التي "تعكمتها" على ضيوفي غير الأعزاء، فقالت لي لا يوجد فاتورة، جميع المشروبات في هذه البركة هي مجانية لنزلاء المنتجع، فسألتها وماذا عن الضيافة التي جاءتني من هؤلاء، فقالت، لا أحد يدفع نقود هنا، بإمكانك أن ترسل مشروبات لمن تريد…

ما فيش فايدة!!