الذي تريده اسرائيل في غزة، ليس سراً كبيراً، اذ انها بدأت حملتها العسكرية، لتحقيق هدف معين نهائي، وحاولت استكمال ذات الهدف عبر المفاوضات، فالهدف واحد في الحالتين.
هدف اسرائيل، انهاء فصائل المقاومة، وتدمير بناها التحتية، توطئة لاعادة القطاع، الى السلطة الوطنية، وليس أدل على ذلك من ان اسرائيل لم تقبل بإعادة الاعمار في غزة، خلال المفاوضات الا عبر بوابة السلطة الوطنية، وقبلت رفع الحصار عن غزة، شريطة سيطرة السلطة الوطنية على المعابر.
قلنا سابقا ان اسرائيل حرباً او سلماً، تريد ذات الغاية، وكان من المستحيل ان تذهب الى مفاوضات القاهرة، لتقدم ثمناً لفصائل المقاومة، اذ كانت تريد الثمن الذي تريده هي، ولا يمكن ان تنحصر كل تضحيات الغزيين اليوم، في زيادة اميال الصيد، لان قضية غزة، ليست مجرد بحر للصيد.
هذا يعني ان الكلام عن الانتصار الذي تسرع به مراقبون فلسطينيون اثر الاعلان عن تلبية بعض الشروط الفلسطينية، اعلان غير صحيح، اذ نقضته ذات المقاومة، التي اعتبرت ان هذه الاستجابات غير كافية، فهي لا تحقق لها شيئا، ولا يمكن لها ان تعود الى الغزيين بهذه الانجازات،وتريد ما هو اكبر، حتى يكون الثمن الذي تم اخذه مساويا للثمن الذي دفعه للغزيين، من هدم ستة الاف بيت، وتدمير اكثر من ثلاثين الف بيت بشكل جزئي،فوق استشهاد الالاف، وجرح عشرات الالاف، وتدمير البنى التحتية.
انفجار الاوضاع في غزة مجدداً، وعودة المواجهات، سيؤدي الى اوضاع اكثر صعوبة، وبرغم ان فصائل المقاومة قبلت ذات لحظة، باعتبار ان حماس شريكة في الحكومة، الاستجابات الاسرائيلية عبر قبول منح مفاتيح القطاع للسلطة مجددا، الا ان شيئا ما، جعل المشهد يعود الى بدايته، ولعل ذلك مرتبط بتناقض المشاريع، بين رام الله وغزة، وان كان ظاهرا وجود توافقات تجلت بحكومة الوحدة الوطنية.
على هذا نحن امام مفترق طرق صعب جداً، لان الهدف الاسرائيلي لم يتغير، وهو ذات الهدف الذي كان وراء العملية العسكرية، وتمت اعادة انتاجه عبر المفاوضات في القاهرة، اي رد القطاع الى السلطة الوطنية، بمعنى انهاء اي مقاومة في القطاع، وتطبيق اشتراطات السلطة وطريقتها على القطاع، وهذا يعني انهاء المقاومة تماما، والحاق خسارة جديدة بها، فوق الخسارات الانسانية، دون ان ننسى انجازات المقاومة هنا، لكن يراد حرمانها من الثمن الاجتماعي والاقتصادي الذي قد تعود به الى الناس، عبر عدم التجاوب مع طلباتها، للقول للناس، ان المقاومة تسببت للناس بتضحيات دون نتيجة.
غزة اليوم، تواجه تحالفا عربيا اقليميا، لنزع غزة من حضن فصائل المقاومة، لاعتبارات سياسية تتعلق بسلسلة علاقات حماس، وحاضنتها السياسية الاكبر، وهذه حالة يتكامل فيها العدوان مع التفاوض السلمي، لتحقيق ذات الغاية.
الدستور