ليلى حزينة
في تطوّر لافت وملحوظ لم يعد للمتحرّشين والمهاجمين لحقوق المرأة الحرية لنشر سمومها من دون رد. وأخيراً أصبح للنساء العربيات من يدافع عنهم بقوة وشراسة وبصورة حضارية في نفس الوقت.
في اختصار، إنها الفتاة ليلى حزينة. وأداتها المفضلة هي الفيديو القصير الذي يوزّع عبر صفحتها الخاصة في فيسبوك.
أبهرتنا ليلى حزينة الأسبوع الماضي بردّها المقنع والقوي ضد خزعبلات المذيع التلفزيوني محمد ركان القداح الذي حاول جلب الشهرة من خلال محاولته الفاشلة للتهجّم على المرأة الأردنية وحقّها في الحياة واللباس والمشاركة الفعّالة والنشطة في الحياة العامة.
بدأت ليلى حزينة حياتها في عائلة متواضعة تدرس في إحدى مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين، ثم أتيح لها فرصة الالتحاق بـ"كينغز أكاديمي" في مأدبا، ومن هناك حصلت على بعثة إلى إحدى أبرز الجامعات الأميركية.
لا تنتمي ليلى إلى حزب أو حركة نسوية معنية ولكن قوتها في الدفاع عن المرأة تفوق قدرات وإنجازات بعض النوّاب النساء في البرلمان وناشطات في حركات نسائية مخضرمة.
في الفيديو الأخير قامت ليلى حزينة بالردّ على القداح بطريقة ذكية وقوية، حيث قامت بتقطيع فيديو المذيع، والرد على كل فقرة فيه واستعراض التناقضات الموجودة فيه ونجحت من خلال بحث سريع إظهار الإعلامي الذي يهاجم الأردنيات التي تلبس ما اعتبره لباساً غير محتشم وهو متصوّر مع فنانة لبنانية ترتدي زيّاً يعتبره هو غير محتشم.
فيديو ليلى حصل على أكثر من 300 ألف مشاهدة، وآلاف التعليقات والمشاركات عبر فيسبوك وجلب لها مقابلات مع محطات تلفزيونية عالمية ونشر تقارير عنها في صحف أجنبية. ونجح فيديو ليلى بإقناع مالكي تلفزيون جوسات بوقف برنامجه التلفزيوني، وقد سحب القداح الفيديو المستفزّ عن فيسبوك إثر الحملة القوية التي قادتها ليلى من خلال تصوير ذاتي عبر اللاب توب وأفكارها القوية ليس إلا.
تقول ليلى إنها محظوظة لوجود أهل يدعموها، وأنّ لها الوعي والقدرة للدفاع عن زميلاتها ولكنها في نفس الوقت تتفهم الصعوبة التي تواجهه زميلاتها في القيام بالعمل نفسه، وهي مقتنعة أن كل صبية ومرأة في الأردن والوطن العربي تعرّضت للتحرش الجنسي واللفظي وأحياناً أكثر من ذلك فقط لكونها امرأة.
الفيديو الأخير لـ ليلى حزينة هو العاشر لها خلال العامين الماضين. بدأت
في تشرين الثاني الماضي رداً على فيديو لـ يوسف الخطيب ادعى فيه أن سبب التحرش هو لباس المراة. وفوجئت بعشرات لاف المتابعين من معارضين ومؤيدين.
أنتجت ليلى حزينة فيديو حول موضوع غشاء البكارة بعنوان
، تردّ فيه بقوة من خلال بحث علمي الأخطاء العلمية التي يتبادلها المجتمع الشرقي، وفيديو آخر بعنوان "
"؟ تردّ فيه على العبارة التقليدية التي يتم استخدامها في تبرير العادات الرجعية في المجتمع، ويحاول مروجها الرد بالعبارة التقليدية: هل تقبل ذلك لأختك؟
أصبح للشابة الأردنية والعربية دفاعٌ قوي وحضاري في نفس الوقت. كلنا أمل أن تكون مداخلات ليلى حزينة مقدمة لحركة نسوية حقيقية وفعالة تصل إلى جذور مشاكلنا وتخرج من السطحية والرد التقليدي على المخالفات اليومية لأبسط حقوق المرأة في بلادنا.
ليلى فتاة واثقة من نفسها نججت بجهد فردي على ترجمة مواقفها عبر مخاطبة الشباب والشابات من جيلها من خلال أدوات ووسائل متوفرة لهم. كلنا أمل أن تكون جهود ليلى فاتحة خير لعشرات الشابات والشباب بأخذ المبادرة والدفاع عن حقوقهم ومن خلال أي وسيلة يختارونها، فالمهم عدم قبول الواقع السلبي والثورة ضده.
داود كتّاب: مدير عام شبكة الإعلام المجتمعي. أسس العديد من المحطات التلفزيونية والإذاعية في فلسطين والأردن والعالم العربي.