ليتها لم تفطن للفراغ

ليتها لم تفطن للفراغ
الرابط المختصر

بعد عام تقريبا على استقالة رئيس الهيئة المستقلة للانتخاب ومؤسسها عبد الإله الخطيب، ظلت الهيئة خلالها في حالة شلل استنفدت ما حققته من رصيد وثقة، "فطنت" الحكومة وأركان السلطات التشريعية والتنفيذية للأمر، وقررت إعادة تشكيل الهيئة من جديد، وياليتها لم تفطن!
قبل أسبوعين من إعلان التشكيلة العتيدة تناقلت وسائل الإعلام أسماء شخصيات مرشحة لموقع رئيس الهيئة والأعضاء. كانت الترشيحات المتداولة مشجعة وتوحي بنية أصحاب الحق بالترشيح في التقدم بتشكيلة تعزز مكانة الهيئة وتحافظ على ما تحقق من إنجاز عبرنا من خلاله أصعب محطات الربيع العربي؛ الإنتخابات النيابية.
لكن التشكيلة جاءت مساء الثلاثاء الماضي مخيبة للتوقعات والآمال؛ شخصيات لينة، ومطواعة، وترضيات على حساب مكانة الهيئة، ودورها المحوري في عملية الإصلاح السياسي.
لقد افتقرت التشكيلة للشخصيات الديناميكية القادرة على العمل المجهد والطويل، ناهيك عن الخبرة في إدارة الانتخابات، والأهم مقاومة الضغوط الرسمية والمجتمعية.
كان تأسيس الهيئة وإجراء الانتخابات في وقت واحد مهمة شاقة، تطلب إنجازها عملا جبارا تخللته محطات صعبة، ومنعطفات خطيرة تطلّب تجاوزها ومقاومتها إرادة قوية.
في النهاية جرت الانتخابات، ورغم بعض المشاكل الفنية التي صاحبت عملية الفرز والجمع، فإن الجميع شهد بنزاهتها، باستثناء من خسر وهذا سلوك معتاد. انتخابات لايمكن مقارنتها بأي حال من الأحوال مع ما سبقها من جولات شهدت تزويرا فاضحا.
يمكن أن نختلف مع البعض على مجريات العملية الانتخابية، لكن المؤكد أننا لن نختلف على أن الهيئة المستقلة كانت المكسب الأكبر من الانتخابات الأخيرة.
بعد استقالة رئيس الهيئة ظلت بلا رأس لنحو سنة. حالة الفراغ هذه تركت أثرا سيئا على صورة الهيئة، واعتبرها البعض مؤشرا على رغبة بتقزيم مكانة الهيئة. إذا كان هذا التفسير صحيحا فلا يمكن أن نجد تفسيرا له؛ لماذا نهشم سمعة ومكانة مؤسسة نالت الثقة والمصداقية، في وقت نحن أحوج ما نكون فيه لبناء جسور الثقة بين الدولة والمجتمع؟!
التشكيلة الجديدة جاءت لتؤكد بأن ما كان مجرد هواجس هو توجه بالفعل، وإلا كيف يمكننا أن نقرأ هذا التفنن في اختيار التشكيلة، بحيث تكون هيئة في متناول اليد.
لم تكن التشكيلة الأولى للهيئة المستقلة مثالية، وكان يمكن أن تكون أفضل مما كانت عليه. وكان المأمول أن تتدارك التشكيلة الثانية أخطاء الأولى، بيد أن ماحصل خلاف ذلك؛ مد المعنيون يدهم وطالوا من العلبة ما تيسر من الشخصيات التقليدية، متجاهلين التحديات التي ستواجهنا عند تنظيم الانتخابات النيابية المقبلة.
منذ أن وضعت الحكومة يدها على الهيئة المستقلة بعد أن استقال رئيسها، وفرضت عليها فرضا الإشراف على الانتخابات البلدية السابقة، شعر المراقبون أن الهيئة في طريقها لتصبح دائرة حكومية، وقد جاءت التشكيلة لتجعلها بالفعل مجرد هيئة تدور في فلك الدوائر.

الغد

أضف تعليقك