لما لا تستثمر دولنا في الديمقراطية

لما لا تستثمر دولنا في الديمقراطية
الرابط المختصر

في وقت ما زلنا فيه كشعوب عربية نتطلع إلى بارقة أملٍ و  نظرة شوقٍ لتلمّس معنى ذلك المصطلح الغربي المكنّى بالديمقراطية , و نختلف حول نظرياتها و نُقيم لها الندوات و المؤتمرات  , و جُل ما نعلمه عنها أنها كسرٌ لمزيد من القيود السالبة لحريتنا في التعبير , ننظر بحسرةٍ إلى أين وصلت باقي شعوب العالم الأخرى الحرة في مفهومها و تطبيقها للديمقراطية كأداة إستثمارية جاذبة للإستثمار و للإستقرار , بعد أن تجاوزت ذلك المفهوم التقليدي منذ عقود مضت .

لقد باتت المجتمعات الغربية تتحدث عن حياةٍ لما بعد google  و ما بعد الsmart phoneبعد أن هيّأت لهم دولهم مناخ الإستقرار و النمو و التعليم و العيش الكريم , و ما كانت لتوفّر ذلك كله إلا بإستثمارها للديمقراطية كأداة لجني الأرباح الاقتصادية الى جانب الفوائد السياسية منها .

فالديمقراطية و حالما يترسّخ مفهومها التقليدي داخل المجتمع كحق طبيعي لكل فرد في التعبير عن رأيه ضمن ضوابط قانونية عامة و ملزمة , فإنها تتحول تلقائياً إلى وسيلة إستقرار . ممهدة الطريق ببريقها الأخّاذ لتكون أداة جذبٍ للإستثمارات و للمهاجرين الأكفاء من جميع أنحاء العالم .

يطول الشرح حول فوائد الإستثمار في الديمقراطية , و لكن ما أعلمه يقيناً أنّ بلدي الأردن كما هي بلداننا العربية كافة بحاجة للإسراع في ترسيخ المفهوم التقليدي لمفهوم الديمقراطية في مجتمعاتها حتى تُهيّأ نفسها بعد ذلك لمرحلة الإستثمار من خلالها  .

سأضرب مثلاً واحداً لأنموذج رائع في إستثمار هذا المصطلح ....

الإتحاد السوفيتي ( سابقاً ) و رغم الإمكانيات الهائلة التي كان يتمتّع بها و التي كانت تفوق قدرة دول أوروبا الغربية مجتمعة .... لم يصمد و إنهار بعد 90 عاماً ... و لم يرى أبناءه تلك الإمكانيات تنعكس إيجاباً على واقعهم , و عاشوا شبه محرومين و فاقدين لأغلب حقوقهم و على رأسها حقهم في التعبير . لقد فقد أبناءه إنتمائهم لوطنهم للدرجة التي رأينا من خلالها كيف نزلوا إلى الشوارع فرحين و سعيدين بسقوط ما كان يسمى بالإتحاد السوفيتي .

و على النقيض من ذلك ... خرجت دول أوروبا الغربية منهكةً و مدمرةً اقتصادياً و مفككةً إجتماعياً ... و لكنها إستطاعت إستثمار الديمقراطية بين مواطنيها , فمنحتهم كامل حقوقهم و على رأسها حقهم في التعبير , فزاد إنتمائهم و ولائهم لبلدانهم و ساهموا في إعادة بناء ما خلفته الحرب العالمية الثانية و بناء نهضة دولهم و إستقرارها ... بل أنهم لم يفكروا بمجرد الهجرة منها  , و كيف بدأوا بعد ذلك بالتفكير و الحديث حول أفق بعيدة كل البعد  .

ذلك من أبسط  نماذج الإستثمار الناجح في الديمقراطية ... و غيره الكثير من قصص النجاح .

أعلم أن ذلك يبدو ضرباً من الخيال لأحدنا بأن يسمع بمصطلح الإستثمار في الديمقراطية , و لكنه كذلك , واقعٌ ملموس و موجود حقيقةً في دول العالم الحرة .

تماماً كما كنت سابقاً اعتقد أنه من الجنون التحدث عن حياة لما بعد  google .

الاردن لا يحتاج إلى وزارة متخصصة بالتنمية السياسية و لا يحتاج الى تشريعات و لا يحتاج إلى مجلس نواب و لا يحتاج إلى قانون إنتخاب نزيه ... فكل ذلك مرهونٌ بقرار سياسي واحد , يُؤمن بالديمقراطية حقيقة لا إدّعاءً .... يقودنا لأردن أقوى و أكثر إستقراراً .

 

أضف تعليقك