لماذا لم تحتج الحكومات العربية؟

لماذا لم تحتج الحكومات العربية؟
الرابط المختصر

قامت الدنيا ولم تقعد في الغرب بعد الكشف عن عمليات تنصت قامت بها وكالة الأمن القومي الاميركية على ملايين الفرنسيين قبل ان يقدم عميل الاستخبارات الاميركية المطارد ادوارد سنودن ادلة على تجسس اميركا على هاتف المستشارة الالمانية انجيلا ميركل لنحو عشر سنوات فاتت. وتم الكشف بعدها عن اختراق اتصالات رئيسة البرازيل ونحو 35 زعيما في العالم. ثم جاء الكشف الأكبر عن تنصت الوكالة ذاتها على بلايين المكالمات الهاتفية في بلدان الشرق الأوسط ومنها الأردن والسعودية ومصر وايران والعراق.

اهتزت العلاقات الاوروبية الاميركية واضطر الرئيس اوباما الى توضيح الموقف والتأكيد بأن هذه الرقابة على اتصالات الزعماء قد توقفت. لكن الاخبار افادت بأن اميركا تتجسس على الجميع بدءا من مواطنيها وانتهاء بالأمم المتحدة والبنك الدولي. وربما نكتشف ان الوكالة ذاتها لم تترك لا اوباما ولا انصاره أومعارضيه وانها تجسست على الجميع!

فقدت اميركا والغرب بشكل عام ما يسمى بالبوصلة الاخلاقية، وبعد ان كان الغرب يمثل اعلى القيم الانسانية في أوج الحرب الباردة وايام جدار برلين والستار الحديدي، نجده اليوم وقد تورط في اعمال لا اخلاقية وغير قانونية. ليست اميركا وحدها المتواطئة بل هناك ادلة على ان الاستخبارات البريطانية والفرنسية متورطة ايضا في اعمال تجسس على مواطنين وغيرهم تحت ذريعة حماية الأمن القومي.

لكني لست قلقا على اميركا واوروبا. ستجد الانظمة التشريعية هناك طريقة لاستعادة الشرعية واقامة التوازن بين حماية الأمن وحماية حقوق المواطن. لكن من المقلق حقا ان الكشف عن اختراق مكالمات في العديد من دول العالم العربي لم يدفع بمسؤول واحد للاحتجاج رسميا وجلب السفير الاميركي في ساعة متأخرة لاستيضاح الأمر ونقل غضب وقلق حكومته الى واشنطن!

في حقيقة الأمر ان ما حدث لم يقض مضجع اي مسؤول لأن ما فعلته امريكا لم يكن غريبا، فمعظم حكومات الانظمة العربية تمارس اشكالا من التجسس على مواطنيها. لا يوجد حديث هنا عن السيادة وحقوق المواطن والحق في الخصوصية لأن هذه امور تخضع لعدة اعتبارات من قبل الانظمة الحاكمة.

اذن تتجسس اميركا علينا وعلى زعمائنا ولا أحد يشتكي. بينما تقوم القيامة في واشنطن وغيرها من عواصم الغرب لأن المواطن وحقوقه يعنيان الشيء الكثير، وقد قالتها المستشارة ميركل عندما اكدت ان الامر لا يعنيها وحدها وانما كل الشعب الالماني!

الدستور

أضف تعليقك