لماذا عاد الأردنيون الى الشارع وما المخرج؟

لماذا عاد الأردنيون الى الشارع وما المخرج؟

في سبتمبر الماضي تعهد رئيس الوزراء عمر الرزاز في كلمة له بالجامعة الأردنية الخروج من الحلقة المفرغة للاقتصاد التي سببتها الضرائب والاقتراض وصولا الى ما اسماها حلقة الانتاج.

 

حملت رياح الاحتجاجات، الرزاز، وزير التربية والتعليم في عهد الحكومة المقالة إلى الرئاسة في حزيران، وحظي الرئيس عند تكليفه بشعبية سرعان ما بدأت تتآكل عقب إقرار مشروع قانون ضريبة دخل مثير للجدل، استجابة لتوصيات صندوق النقد الدولي الذي يحكم قبضته على الاقتصاد منذ 1989.

 

طلب الرزاز -قبيل تكليفه- من الحشود الغاضبة على النهج الاقتصادي والسياسي، مهلة 90 يوما للبدء باصلاحات اقتصادية، وسياسية، متعهدا بتعديل قوانين مثل الاحزاب، والانتخاب، وصولا الى حكومات برلمانية خلال سنتين، مطلقا شعارا طموحا "لا إصلاح اقتصادي دون إصلاح اقتصادي".

 

المحتجون المُحبَطون عادوا على محيط الدوار الرابع بالقرب من مقر رئاسة الحكومة، رافعين شعار "معناش"، معتبرين أن النهج الاقتصادي لم يتغير بعد مرور أشهر على تسلم الرزاز، مطالبين، بـ إسقاط مشروع قانون الضريبة، وإلغاء فرق أسعار الوقود على فواتير الكهرباء، وتخفيض المحروقات لأكثر من 35% بما يتناسب مع سعر البرميل عالمياً،واعادة دعم الخبز،ومحاسبة الفاسدين، والإفراج عن معتقلي الرأي.

 

يشعر الأردنيون أنهم مازالوا يسيرون في نفس الطريق، ونفس الحلقة من الاقتراض ثم الاقتراض لسد فوائد الديوان، وإفراغ جيوب المواطنين من خلال الرسوم والضرائب، وتدمير قطاعي الزراعة والصناعة وهروب الاستثمار، وارتفاع معدلات البطالة والفقر، وتدني مستوى أغلب الخدمات، واستشراء الفساد، وتكدس الثروة بيد قلة قليلة.

 

في ظل حالة الإحباط هذه، الاحتجاجات مرشحة للانفجار من جديد إذا لم يضع النظام في الأردن خارطة طريق للإصلاح السياسي تكون محددة في إطار زمني تضمن المشاركة الشعبية الواسعة والفاعلة صنع القرار، وضمان الفصل بين السلطات.

 

يستهدف الإصلاح مكونات الدولة جميعها، بدءا من الدستور وانتهاء بالقوانين الناظمة للحياة السياسية، وانتهاء بصلاحيات مؤسسات الدولة المختلفة وعلاقاتها بالحياة المدنية والسياسية في البلاد.

 

تستند فلسفة الإصلاح السياسي إلى قواعد أساسية:العدالة والمساواة، وتكافؤ الفرص، وتوزيع الصلاحيات، المحاسبة، فصل السلطات، أن لا تجمع الثروة والسلطة بيد أي فرد أو مجموعة، وبناء مجتمع يرتكز على معايير الدولة المدنية وتطبيق القانون على الجميع.

 

على أن تشمل هذه الإصلاحات تعديل قانون ونظام الانتخاب بشكل يدعم وصول الأحزاب والقوى السياسية الى البرلمان، لإفراز مجلس نواب قادر على المراقبة والمحاسبة ومحاربة الفساد الذي استنزف الخزينة، الى جانب رفع القبض الأمنية والهيمنة على وسائل الإعلام وحرية الرأي والتعبير.

 

ومن الإصلاحات المطلوبة، فصل حقيقي للسلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية وضمان استقلالهما بصورة عملية وفاعلة تمنع تغول السلطة التنفيذية على أي منهما وإلغاء مجلس الأعيان من الهيكل السياسي للدولة، لما يلعبه كثلث معطل لإقرار التشريعات.

 

اصلاحات سياسية، تقود في المحصلة لإصلاح الاقتصاد، بعد أن أثبتت تجارب دول حققت نموا اقتصاديا بعد تغييرات في النهج السياسي، مثل: ماليزيا، وكرواتيا، وسنغافورة، وتركيا التي سبق نموها الاقتصادي تغيرات سياسية ووصول أحزاب جديدة للحكومة.

 

تبقى تعهدات الرزاز حبرا على ورق وقصورا من الرمال في حال لم تكف الدولة العميقة يدها عن مفاصل القرار في البلاد والتحكم بالقرار الاقتصادي والسياسي، الأردنيون بحاجة لإصلاح سياسي جذري يعيد هيكلة صناعة القرار ويعيد العمل بالبند الدستوري "الشعب مصدر السلطات".

 

أضف تعليقك