لغم التجنيس والأرقام الوطنية ينفجر على مائدة الرئيس
في عشاء اقيم في نادي الملك حسين، التقت لجنة الحوار الوطني ورئيسها طاهر المصري، رئيس الوزراء عون الخصاونة، وعددا من الوزراء، بحضور رؤساء التحرير وبعض الكتاب الصحفيين.
اللقاء الذي استمر على ما يزيد عن ثلاث ساعات، كان مخصصا لمناقشة قانون الانتخابات، وقد ادت صراحة رئيس الحكومة الى الايحاء بانهاء أعمال وتوصيات لجنة الحوار الوطني، لان الرئيس قال ان التوصيات غير ملزمة، وكان واضحا ان هناك ميلا لاقرار قانون شبيه بقانون انتخابات تسعة وثمانين مع بعض التعديلات، دون ان تعترف الحكومة رسميا بذلك.
رغم ان الكلام، مخصص لقانون الانتخابات الا ان الجلسة المغلقة شهدت مناوشات خارج سياق العنوان الاساس، وهذا خروج جزئي يحمل رسائل مبطنة، اذ حظيت الحكومة بلوم من اعضاء في اللجنة على اندفاعها الى حضن الاخوان المسلمين، وحظيت الحكومة في مرات بلوم على انها تقفز عن كل الحراكات الاجتماعية، وتنشغل فقط بترضية الحركة الاسلامية.
ملف التوطين والارقام الوطنية والجنسية، كان الصاعق الاكبر في وجه قانون الانتخاب والتمثيل السكاني وتياري الحقوق المكتسبة والحقوق المنقوصة المتصارعين في اللجنة وخارجها ايضا، فانفجر على مائدة الرئيس عبر ثلاثة اتجاهات، الاول مداخلة للمهندس علي الحباشنة عضو لجنة الحوار الوطني، ثم مداخلة للمهندس خالد رمضان عضو اللجنة ايضا، ثم تعقيب وزير الداخلية الذي لم يأت بجديد.
شخصيا، ارى ان الموضوع لم يثر بشكل صحيح، وسيبقى معلقا بين كل الاطراف في اطار التوظيفات الداخلية في الاردن، وفي عشاء الامس كان هذا الملف منصة لقول الكلام المبطن بشأن نتائج قانون الانتخابات المقبل.
قال المهندس الحباشنة لرئيس الحكومة بحدة "حكومتك تعمل على التوطين والتجنيس، والحكومة السابقة اخذت قرارا بعدم التجنيس الا عبر مجلس الوزراء، وهذا قرار لم يتم تفعيله من جانب حكومتك، والتجنيس في البلد ومنح الجنسيات، امر يضرب الوحدة الوطنية، وانتم منذ جئتم وانتم تلتقون فقط بالاسلاميين، وتتجاوزون القوى الاجتماعية الاخرى التي بدأت الحراكات اساسا، وتجنبتم الجميع ارضاء للاسلاميين، وهذا كلام مرفوض وسيؤدي الى اسقاط حكومتكم شعبيا، وهو امر نرجو ان لا نصل اليه".
تأتي مداخلة "المهندس" خالد رمضان ليرد على شقيقه "المهندس" علي الحباشنة، فيقول للرئيس المحتسب عند الله "ان هذه الاثارات بشأن الارقام الوطنية اثارات غير دقيقة، فاين هو التجنيس الذي يجري، هناك سحب للارقام الوطنية، دعني اضرب لك مثلا عن صديق اردني يعيش في الكويت ويحمل بطاقة جسور صفراء، جاء الى عمان ونزل الى الضفة الغربية، وقام باضافة اولاده الى بطاقة الجسور، حتى لا يفقد حقه في الاقامة هناك ولا في الجنسية الاردنية، واذ عاد قام موظفو الجسر الاردني بسحب الرقم الوطني منه على الرغم من قيامه بتثبيت عائلته، واضطر الى ان يراجع الداخلية لتصحيح الخطأ فأعادوا له الرقم الوطني، هل هذا تجنيس؟ ام اعادة لحقه في جنسيته".
بين المهندسين الشقيقين في المهنة والدم، ورأيهما المتناقض، رد وزير الداخلية قائلا انه خلال السنوات الخمس الفائتة تم سحب ارقام وطنية، وان هناك اسسا موضوعة، وهناك فرق بين بطاقة الجسر الخضراء وتلك الصفراء، وان هذه الحكومة لم تسحب اي رقم وطني، وايضا لم تجنس، وان اي مواطن يستكمل اوراقه ووثائقه، يعاد له الرقم الوطني اذا كان مسحوبا بسبب نقص الوثائق، وان هناك لجانا تعمل على مدار الساعة لاجل هذه القضية.
ملف الارقام الوطنية ما زال عرضة لان يكون فزاعة تارة، ولان يكون ملفا ساخنا للضغط على الحكومة او جهات اخرى تارة اخرى، وما زال الغموض يكتنف هذا الملف، وهو ينفجر في كل مناسبة، ويتمسك كل طرف بروايته، والمؤكد انه في المحصلة ملف ضاغط على اعصاب الناس، من يخافون من سحب الارقام، ومن يخافون من منح الارقام، وحالة الذعر تتساوى، لان الدولة لا تمتلك كلاما موحدا ازاء هذا الملف، ولا رؤية صريحة تقولها للناس.
رغم ان لغم التوطين والتجنيس والارقام الوطنية انفجر في عشاء نادي الملك حسين مساء الجمعة، وبشكل يبدو انه لا علاقة له بقانون الانتخاب، وطبيعة الجلسة، الا ان هذا الملف هو الاسم الحركي للصراع على قانون الانتخابات الجديد، ومخاوف الديموغرافيا بين النخب، وبالتالي حصص التمثيل المقبلة، وهذا ملف اخر بحاجة الى علاج وحسم من كل الاطراف، بدلا من هذه اللعبة في العتمة بين الجميع.
الدستور