لا تضغطوا على الفقراء

لا تضغطوا على الفقراء
الرابط المختصر

باعتراف حكومة معروف البخيت الأولى، أنفقت الحكومات مبلغ 700 مليون دينار على معالجة الفقر من دون إحداث أثر يذكر، بل على العكس فقد ارتفعت معدلاته وازدادت شدته.

وللأسف حتى حكومة البخيت الاولى، التي كشفت أن المخصصات التي أنفقت على هذا الملف أهدرت بدون جدوى، رحلت في عام 2007 بدون إحداث فرق وغادرت قبل أن تحل جزءا من المشكلة وتسجل انجازا في تقليص معدلاته.

وبعد أن غادرت حكومة البخيت الأولى، ظل الفقراء يمنّون أنفسهم بما ستقوم به حكومتا نادر الذهبي وسمير الرفاعي، ورغم ذلك ظلت نسب الفقر في تصاعد حينما تكرر الفشل.

وأغلب الظن أن حكومة معروف البخيت الثانية سترحل بدون إحداث تغيير في المستوى المعيشي الرديء للفقراء الذين تتغير أوضاعهم من سيئ إلى أسوأ، وسط معاناة وبؤس يدفعهم لسؤال ماذا استفدنا من كل الحكومات إن لم تتمكن بكل الإمكانات التي تتوفر لها من انتشالنا من مستنقع فقرنا.

المشكلة أن جميع رؤساء الحكومات بدون استثناء والذين كثيرا ما أمطرونا بالحديث عن محاربة الفقر لم يفعلوا شيئا، ولو تم تطبيق جزء من وعودهم لتمكنا من تقليص معدلات هذه المشكلة.

تخبط السياسات وعدم إيمان الوزراء المسؤولين عن ملفات الفقر بأهمية العمل التنموي، هما السبب الرئيسي في عدم إحراز أي تحسن، ومراجعة بسيطة لأداء وزراء التخطيط والتنمية الاجتماعية منذ العام 2007 وحتى اليوم تكشف لنا كم تراجع العمل في محاربة الفقر.

إهمال ملف الفقر يكشف ضحالة فهم المسؤولين لمسألة تأثيره في منظومة الأمن الشامل، خصوصا أن نفوس الفقراء تصبح بيئة خصبة للاحتقان والغضب من غياب الاهتمام والاكتراث الرسمي بمشكلاتهم.

ولم يدرك مسؤولو قضية الفقر أن إسقاط ملفه من حسابهم يكشف ضعف استيعابهم وفهمهم لمدى انعكاسه على الاستقرار المجتمعي وتحديدا حينما يعلم ويرى الفقراء بأم أعينهم أن المسؤولين ازدادوا غنى فيما هم يغرقون في وحل الحاجة والجوع.

تقدير تبعات مشكلة الفقر مسألة عجزت الحكومات عن فهمها، وطالما خرجت تحذيرات تؤشر إلى نتائج الظلم الاقتصادي واتساع مشكلة الفقر على ركائز الأمن الشامل الذي يعد الأمن الاقتصادي أحد أهم لبناته، حيث ظل الإهمال واللامبالاة هما الوصف الوحيد لحكوماتنا حيال ملف الفقر.

آخر المؤشرات حول معدلات الفقر تعود للعام 2008 وتعكس واقع العام 2006، إذ تشير إلى أن نسبته تصل 13.3 %، ما يكشف أن المعدل الحقيقي للمشكلة قفز خلال السنوات الماضية نتيجة متغيرات كثيرة، بدءا من تراجع المعونات الطارئة وليس انتهاء بمعدلات التضخم التي انزلقت بمستوى معيشة الكثيرين إلى ما دون خط الفقر.

وتتعاظم خطورة تفشي الفقر وسط ضعف آليات الرقابة وتزايد مشكلة الفساد التي تسهم أولا وأخيرا بقتل فرص الفقراء في التخلص من فقرهم، الأمر الذي يخلق بيئة خصبة للاحتجاج، وهو ما بدأنا نشهده في مختلف مناطق المملكة خلال الأشهر الماضية.

كثير من الفقراء لم يقولوا كلمتهم بعد، وكلفة التخفيف من معاناتهم أقل بكثير مما قد يحدثونه في حال فاض بهم الكيل وخرجوا ليرفعوا صوتهم، خصوصا أن الشعور بالفقر أخطر بكثير من الفقر نفسه.

الغد