لا‎ ‎لرفع‎ ‎الأسعار

لا‎ ‎لرفع‎ ‎الأسعار
الرابط المختصر

شهدنا خلال الأيام القليلة الماضية، تسريبات إعلامية وإشاعات حول قرارات حكومية سريعة برفع أسعار المحروقات والكهرباء والماء، من خلال رفع الدعم الحكومي عن هذه السلع؛ لمواجهة الظروف الاقتصادية الصعبة، ونقص إمدادات الغاز المصري.

وقد اتضح أن جميع هذه الإشاعات والتسريبات لم تكن صحيحة حتى الآن؛ فرئيس الوزراء عبدالله النسور، وخلال لقائه بالمحافظين في وزارة الداخلية أول من أمس، أكد أن الحكومة لم تتخذ بعد قرارا برفع الدعم عن بعض السلع.

ولكنه، مع ذلك، لم ينف وجود مثل هذا التوجه؛ إذ بحسبه وبحسب الحكومة، يجب أن يذهب الدعم المقدم للسلع لمستحقيه، وليس للأغنياء والوافدين، ولذلك فلا مناص أمام الحكومة من رفع الدعم عن بعض السلع، وبالتحديد -كما يتضح من تصريحات حكومية عديدة- المحروقات والكهرباء.

القرار صعب؛ فرفع الدعم عن بعض السلع، وبالتالي زيادة أسعارها، يؤثر على غالبية  المواطنين.

ولن تتمكن البدائل التي تفكر الحكومة في تبنيها، ومنها الدعم النقدي، من تقليل سلبية القرار وخطورته على الفقراء والطبقة الوسطى.

وتُظهر تصريحات الرئيس النسور خلال اللقاء السابق أن الحكومة تعي خطورة مثل هذا القرار.

ولذلك، فإنها لن تفاجئ المواطنين بزيادة الأسعار، أو بأي قرارات تؤثر على أوضاعهم المعيشية، بحسب النسور؛ وأنها (أي الحكومة) ستجري حوارا وطنيا للتوصل إلى توافق حول أفضل الحلول لمواجهة الوضع الاقتصادي والمالي الصعب.

ونتمنى فعلا أن تجري الحكومة حوارا وطنيا، وأن تستمع إلى آراء الخبراء والاقتصاديين والسياسيين الذين لديهم فعلا اقتراحات وتوصيات للحكومة للخروج من الوضع الصعب، لا تتضمن رفع الدعم عن بعض السلع الأساسية أو رفع الأسعار، وإنما تتعلق بإجراءات اقتصادية وحكومية، منها تقليل الإنفاق الحكومي، وتخفيض فاتورة كلفة العمالة الوافدة على الأردن، وغيرها.

منذ أن بدأت الحكومة السابقة بالحديث عن الأوضاع الاقتصادية والمالية الصعبة، وضرورة رفع الدعم عن بعض السلع الأساسية، والاقتراحات تتوالى على الحكومة من جهات سياسية واقتصادية، ومن إعلاميين وغيرهم، حول وجود بدائل حقيقية لتوفير الإيرادات التي تحتاجها الدولة.

ولكن، للأسف، فإن كل التوصيات والاقتراحات تذهب أدراج الرياح ولا تلتفت إليها الحكومات، وكأنها غير واقعية ولا تحقق المطلوب، مع أنها على العكس؛ تحقق المطلوب، ولا تؤدي إلى زيادة أعباء المواطنين، وعلى الاخص الفقراء والطبقة الوسطى.

نتمنى أن تصْدق الحكومة بما تقول، وأن تتوجه إلى حوار وطني بنّاء، تستمع فيه إلى الآراء الأخرى، وتتوصل إلى توافق وطني على آلية الخروج من الأزمة الاقتصادية.

كما نرجو أن لا تفاجئنا الحكومة بقرار رفع الدعم وزيادة الأسعار، قبل أن تجري الحوار المطلوب، أو بعد إجرائها بعض اللقاءات والحوارات المحدودة مع بعض الجهات التي تؤيد توجهات الحكومة برفع الأسعار، لتبلغنا في نهاية هذه الحوارات المحدودة والجزئية، أن هناك توافقا وطنيا على رفع الدعم عن بعض السلع، واستبداله بدعم نقدي للمواطن.

لا يمكن، ولا يجوز التلاعب بهذه القضية الوطنية. يجب على الجميع التحلي بالمسؤولية، والتعامل بمنتهى الحرص الوطني والدقة مع قضية رفع الدعم والأسعار، لأنها قضية وطنية بامتياز.

الغد

أضف تعليقك