كيف ندير أزمة "التشويش" مع الجزيرة وقطر؟
لجنة من الخبراء العرب لفحص الادلة وشجاعة في تحمل المسؤولية.
لم يكن مفاجئاً لاوساط اعلامية وسياسية ما صدر عن قناة الجزيرة من اتهامات للأردن بالتشويش على بث الجزيرة الرياضية لتصفيات "المونديال" فبعد ايام قليلة على نهاية البطولة تسربت معلومات تفيد بأن التحقيقات الفنية التي اجراها فريق من الخبراء الدوليين اظهر بان "التشويش المتعمد" على بث "الجزيرة" جاء من الاراضي الاردنية وتحديداً من منطقة قرب مدينة السلط. ولم يؤخر اعلان هذه النتيجة الا رغبة ادارة المحطة اجراء مزيد من الاختبارات الفنية للتأكد من صحة النتائج, والتباحث مع الجهات المعنية بحقوق البث مثل "الفيفا" وادارة "عرب سات" التي جرى التحقيق بتنسيق مباشر معها.
وتؤكد مصادر قناة الجزيرة انها لم تكن لتقدم على اصدار بيان رسمي يتهم الاردن لو كان لديها شك بسيط بصحة النتائج التي توصل اليها التحقيق الفني.
ردة الفعل على المستوى الرسمي الاردني جاءت متزنة فقد حرصت الحكومة على عدم تسيس القضية وابدت الاستعداد الكامل للتعاون واجراء تحقيق تحزم منذ الان انه سيدحض الاتهامات الموجهة للاردن.
لكن مهما حاول الطرفان ضبط النفس وتجاوز الردود الانفعالية فالمؤكد ان العلاقات الاردنية القطرية تواجه امتحاناً عسيراً. فقد سبق ان دخلت في ازمات لاسباب اقل اهمية من قضية "التشويش" تطلب حلها جهوداً دبلوماسية مضنية.
نحن اذا على وشك الدخول في ازمة دبلوماسية مع قطر حلها لن يكون بالسهولة التي يتصورها البعض وعلينا ان نستعد منذ الان لادارة الازمة بأقل الخسائر الممكنة وحصرها في اضيق نطاق ممكن. ولذلك على الحكومة ان تبادر فوراً الى طلب تشكيل لجنة من الخبراء التقنيين العرب تتولى الجامعة العربية اختيارهم على ان يكون من بين اعضائها خبير اردني وممثلين عن قناة الجزيرة القطرية تتولى فحص الادلة والتقارير التي اعدها خبراء اجانب حول مسألة التشويش, واستندت عليها قناة الجزيرة في اتهام الاردن, والى ان تنتهي هذه اللجنة من اعمالها يلتزم الطرفان بعدم اتخاذ اجراءات قانونية احادية.
اما اذا ثبتت صحة تقارير "الجزيرة" فعلى الحكومة ان تتحلى بالشجاعة وتتحمل المسؤولية سواء كان التشويش بقرار رسمي ام عملا فرديا, لأننا في الحالتين نكون قد اخترقنا القواعد القانونية والاخلاقية واسأنا لنحو 167 مليون مشاهد عربي.
هذا هو الطريق الامثل لملاحقة الازمة, وبخلاف ذلك فان المشكلة ستتفاقم خاصة اذا ما توجهت "الجزيرة" الى مقاضاة الاردن دوليا وما يترتب على ذلك من اساءة لسمعتنا في العالم ومطالبتنا بتعويضات باهظة. وحينها قد تلجأ منظمات اممية مثل "الفيفا" الى اتخاذ اجراءات عقابية بحقنا في كل الاحوال سنكون في وضع محرج امام العالم كله. والمؤكد ان لاحد في الاردن يريد ذلك.
كما ينبغي على الدبلوماسية الاردنية ان تعمل باقصى طاقتها كي لا يطال "التشويش" العلاقات مع قطر التي عمل الملك عبدالله الثاني والحكومات المتعاقبة على تنقيتها من الخلافات, وقد نجحت تلك الجهود نسبيا في تصويب الاختلالات القائمة حفاظا على المصالح المشتركة للبلدين الى ان وقعت ازمة "المونديال" الاخيرة التي باتت تهدد بالقضاء على ما تحقق من نجاحات.
العرب اليوم