كلنا معارضون لأننا إصلاحيون
p dir=RTLيرتبط جزء من الحراك المضاد للحراك الإصلاحي في الأردن بالفهم الشعبي المغلوط لمفهوم المعارضة التي ارتبطت على مدى عقود بفكرة الخيانة للبلد والنظام./p
p dir=RTLالمعنى السلبي لكلمة معارضة، والمرفوض شعبيا، لم يكن وليد المرحلة الراهنة بكل تجلياتها، بل هو نتاج موروث التجربة السياسية التي سادت في المملكة في الخمسينيات والستينيات من العقد الماضي، والتي كان لها ارتباط بدول خارجية، وسعت إلى تغيير النظام الملكي في الأردن في تلك الحقبة، أملا في الوحدة مع سورية أو بسبب المؤثرات الناصرية./p
p dir=RTLوتزامن ذلك مع الانقلاب العسكري على الهاشميين في العراق، والذي أدى في حينه إلى تغيير النظام، ليحكم العراق بعد ذلك حزب البعث، وما تلا ذلك من انقلاب للرفاق على الرفاق، الأمر الذي ساعد كثيرا في النفور من فكرة المعارضة لدى شريحة من المجتمع الأردني، الذي يرى في المعارضة مرآة للخيانة للنظام السياسي أو العداء له./p
p dir=RTLفالحركة الناصرية وحركة الضباط الأحرار التي عرف الأردنيون قصة تجربتها عن ظهر قلب، أثرتا في نظرة الأردني، وخلقتا لديه فهما خاطئا لمفهوم المعارضة، وجعلتاه يظن بقرارة عقله أن المعارضة خيانة وتسعى إلى تغيير النظام وليس إصلاحه./p
p dir=RTLوهذا المفهوم الخاطئ للمعارضة تتكشف إفرازاته اليوم، حينما نرى معارضة المعارضة تناوئ كل المطالب الإصلاحية التي تصب في صالح الأردن وكل الأردنيين بدون استثناء، وتجعل من يطلقون على أنفسهم الموالاة يقفون بالمرصاد للحراك الإصلاحي، وهم بذلك يُسقطون من فكرهم أن المعارضة القائمة حاليا إنما تستهدف سياسات الحكومات المتعاقبة التي لم تعبر عن طموحاتهم وآمالهم بحياة أفضل. لكن المعارضة في الأردن اليوم، ودوناً عن الدول العربية الأخرى، هي معارضة إصلاحية لا تغييرية أو انقلابية؛ بمعنى أنها تريد إصلاح بنية النظام السياسي دون تغيير لأي من ركائزها./p
p dir=RTLالمعارضة الأردنية، وتحديدا الحديثة منها، تطالب بدولة مدنية تقوم على القانون وبناء المؤسسات، وتكريس هذه الفكرة على أرض الواقع؛ وتدعو أيضا إلى محاربة الفساد والمفسدين، وإقامة العدل وتطبيق مبادئه، واحترام حقوق الإنسان، حتى يصبح الأردن في يوم من الأيام دولة ديمقراطية تعددية، تؤمن بالحرية وحقوق الإنسان./p
p dir=RTLمن ينزل اليوم إلى الشارع يرفع شعارات تطالب بمحاربة الفساد، وتوجيه موارد البلد لخدمة أبنائه، وبما يساعد في حل مشاكلهم الاقتصادية التي تتعقد يوما بعد يوم نتيجة غياب الشفافية والخطط والبرامج؛ كما تطالب باحترام القانون ودولته بما يصب في صالح المواطنين جميعا، وفق مبادئ عادلة متفق عليها تنطبق على الكل بلا تفرقة.هؤلاء الذين خرجوا إلى الشارع للمشاركة في المسيرات يسعون إلى الصالح العام وليس إلى جني مكاسب شخصية./p
p dir=RTLومن يقف في وجههم، ويسعى إلى شيطنتهم، إنما يسعى إلى الدفاع عن مكتسبات كبيرة جناها على مدى سنوات طويلة من غياب الإفصاح، وهيمنة سلطة على أخرى./p
p dir=RTLيصر المطالبون بالإصلاح على توفير فرص العمل، ومحاربة الفقر الذي عض الناس وأنهكهم، في ظل سوء توزيع مكتسبات التنمية وتجيير خيرات البلد لخدمة مصالح شرائح محددة من المجتمع./p
p dir=RTLهذا هو ما تطمح إليه المعارضة في الأردن، ولا أظن أن أحدا ضد كل هذه المطالب الشرعية.سياسيا، تطالب المعارضة بحياة حزبية صحية، تضم أحزابا قوية ببرامج مقنعة للمجتمع بعيدا عن هيمنة الجهات الرسمية؛ ومجلس نواب منتخب دون تزوير أو تلاعب، وسلطات رقابية على السلطة التنفيذية لا تأتمر بأمر أحد، وتستمد مرجعيتها من الشعب، وكذلك إعلام حر يدافع عن حقوق الناس ويعرض مشاكلهم وهمومهم./p
p dir=RTLللأسف، استثمر البعض بالمفهوم الخاطئ المتوارث عن المعارضة، الذي تم توجيهه للوقوف في وجه الحراك الإصلاحي، في ظل غياب المدرسة والجامعة ومؤسسات المجتمع المدني التي تغير هذا المفهوم./p
p dir=RTLومن ثم، إذا كانت هذه هي المعارضة، فكلنا معارضون.. لأننا إصلاحيون/p
p dir=RTLspan style=color: #ff0000;الغد/span/p