كلام السفير
السفير السوري في عمان يقول ان تدخل الاردن في الملف السوري،سيكون فخاً،للاردن والشعب ومؤسساته،والسفير ذاته يعتبر ان اي مداخلات عبر درعا،بأعتبارها ستقود الى دمشق،مداخلات مكلفة جداً.
التقاريرالدولية تتحدث عن مداخلات اردنية تارة لصالح الجيش الحر وتمرير شحنات السلاح الى الفصائل العلمانية لضمان قوتها ضد الفصائل الاسلامية،ولاسقاط الاسد،وتارة عبر تدريب مقاتلين،والارقام تتحدث عن ثلاثة الاف مقاتل تم تدريبهم هنا.
ليس من مصلحة الاردن التدخل في الشأن السوري،لا عبرعمليات مراقبة،ولاعبرعمليات امداد بالسلاح،او حتى عبر فتح الحدود الاردنية بشكل كبير لعمليات سرية من مستوى اعلى.
اذا كانت الضغوطات هائلة على الاردن بأعتباره بوابة دمشق،قبل تركيا ولبنان،فأن التجاوب مع هذه الضغوطات سيجعلنا طرفا في الحرب الاهلية في سورية،وهي شراكة مكلفة بكل المعايير.
عواصم عالمية كثيرة تعتقد ان سقوط دمشق سيكون المفتاح لسقوط النظام السوري،وسقوط دمشق لن يتم بسرعة الا اذا تم تحويل الاردن الى منصة اساسية لاسقاط النظام في سورية،خصوصا،لكون الحدود الاردنية الاقرب الى دمشق.
حسابات الاردن الداخلية يجب ألاتغيب امام هذه الضغوطات،لان هناك فواتير سيتم دفعها سياسيا وامنيا واجتماعيا في كل الحالات،واقل هذه الفواتير كلفة،هي البقاء على الحياد بشأن الملف السوري.
رفع مستوى المداخلات سيؤدي الى فواتير اكثر كلفة على البلد،التي قد تشتبك من حيث لاتعلم مع الفوضى السورية،ووقوعها تحت اخطار مابعد النظام السوري،لان مابعد نظام الاسد،خطير،واقله تقسيم سورية الى ثلاث دول،وحرب لتصفية الحسابات بين الجميع.
الدول العربية التي تريد اسقاط النظام السوري،عليها ان ترسل ابناءها وجيوشها عبر تركيا او اي مكان آخر،وتقوم بتعريضهم للدم والقتل،بدلا من البحث عن منصات بديلة وعلى حساب هذا البلد ودم من فيه،فالحرب بالوكالة مذمومة مهما كانت تبريراتها.
الصراع الذي نراه في سورية ليس صراعا بين شعب ونظام،اذ بات صراعاً عالمياً بين دول وعواصم واجهزة امنية،لايعرف فيه المقتول لماذا تم قتله فعليا،ولايعرف فيه الثائر من هو سيده النهائي،ولايعرف فيه الجريح لماذا تم هدر دمه،فالعناوين مختلطة،وكل سورية باتت ملعبا،يتم عبره تدمير بنية سورية ومقدراتها وتشريد الشعب السوري في دول العالم.
مانراه في سورية هو اعادة رسم لدول المنطقة، وانتاج لجغرافيا سياسية جديدة،وماهو مهم هنا، ألا نتورط حقا في الملف السوري،لدوافع مختلفة،فيما نتائج الرسم النهائي ستكون على حسابنا ايضا،لان لاضمانات بأن نفلت من لعبة رسم المنطقة.
علينا ان ننتبه الى ان المزاج الشعبي العام،والمزاج السياسي في الاردن،اختلف جذريا خلال الشهور الاخيرة،بعد ان تنبه الناس الى ان القصة ليست قصة نظام يقمع الناس،ولاقصة ثورة طاهرة ُمطهرّة،وتغيرالمزاج الشعبي،بأتجاه اعتبارمايجري في سورية،تدمير كامل للمنطقة،بات سمة لهذا المزاج.
كثرة تراجعت عن موقفها السابق المؤيد للثورة،لكونها اكتشفت الهوية الاصلية لمدراء الثورة،ولكونها ادركت اسرار المخطط.
بنية الاردن الداخلية لاتحتمل اي تورط في الملف السوري،وقد يراد لنا التورط،بهدف نهائي:جرنا الى ذات المحرقة المقصود منها تدمير كل الهلال الخصيب،من العراق شرقا،الى الشام شمالا،مروراً بما تبقى من فلسطين،ولبنان الاكثرهشاشة.
لعل بقيتنا تستفيق من غيبوبة الاعتقاد والظن والخيال والشعارات الغرائزية.
الدستور