"قضية التشويش".. بناء الأزمة بدلا من احتوائها!

"قضية التشويش".. بناء الأزمة بدلا من احتوائها!
الرابط المختصر

تسلّمت الحكومة الأردنية أمس ردّاً جديداً من قناة الجزيرة الرياضية، ضمن سلسلة الرسائل الرسمية المتبادلة بين الطرفين.

الجديد في موقف الجزيرة هو التراجع عن فكرة "الحل الثنائي" (الذي استبطنته الرسائل السابقة) إلى التوجه نحو "تدويل الأزمة"، إذ يتضمن الرد طلباً صريحاً بتشكيل لجنة تحقيق دولية تضمّ "طرفي الأزمة" وخبراء دوليين، وعضواً من اتحاد كرة القدم العالمي "الفيفا"، على أن يتم عرض التقارير والبيانات (التي بحوزة القناة) على اللجنة، التي سيجري التوافق مع الأردن على تشكيلها، في حال قبلت الحكومة الأردنية بذلك.

الموقف الأردني الرسمي لم يعلن بعد، لكن في التفاصيل ثمة استياء رسمي شديد من الجزيرة، سواء في طريقة التعامل أو حتى في اللغة المستخدمة في الرسائل والردود.

الانزعاج (أوّلاً) من أسلوب التشهير الذي تستخدمه القناة مع الأردن، إذ تسبق أيّ خطاب رسمي للحكومة الأردنية بتسريب خبر عبر القناة، كما حدث في الرسالة الأخيرة التي قامت القناة ببثّها قبل تسليمها رسمياً للأردن، ما حدا بالحكومة هذه المرّة إلى تسلّمها عبر البريد، طالما أنّها عرفت بمضمونها من القناة مسبقاً.

الانزعاج الرسمي (ثانياً) هو من انتفاء "مبدأ حسن النوايا" تماماً في خطاب القناة، فإذا كانت هنالك شكوك وبيانات بحوزتها، فالأصل أن تسلّمها إلى الحكومة الأردنية لتقوم بفحصها وإجراء اللازم. لكن ردّ القناة الأخير يريد من الأردن القبول ابتداءً بأنّه متهم بالتشويش والخضوع للجنة دولية، وهو ما ترفضه الحكومة الأردنية من حيث المبدأ.

في هذه الأجواء، فإنّ ردّ الحكومة الأردنية، الذي سيأتي غالباً بعد أيام، سيكون برفض موقف الجزيرة، بل والاحتفاظ بحق حماية سمعة الأردن وصورته قانونياً وسياسياً، التي تتعرّض للتشهير عبر القناة، من خلال التقارير والأخبار التي تبثها وكأنّها حقائق مطلقة، وليست ادعاءات لم تثبت صحّتها.

من الواضح، إذن، أنّ سلسلة الردود والكتب المتبادلة بين الأردن والقناة لا تذهب باتجاه احتواء الأزمة، والوصول إلى تفاهمات لحلول فنية تسمح بكشف الحقيقة، بل على النقيض من ذلك تماماً، فإنّ ما يحدث حالياً هو عملية بناء للأزمة وتسخين لها، ومراكمة التفسيرات والتأويلات السلبية للنوايا والمواقف، وفي نهاية اليوم سنصبح أمام أزمة سياسية تتجاوز قضية التشويش بين البلدين.

المخرج الحالي من عملية التصعيد يكمن بالتوافق على جهة رسمية عربية فنيّة مخوّلة بالنظر في دعوى الجزيرة والبيانات التي في حوزتها، وبالغضب الأردني من عملية التشهير الإعلامي، وفي الوقت نفسه قيام وسيط عربي (مثل السعودية) بوضع الأزمة ضمن حدودها الدنيا، قبل أن تأخذ مخرجاتها منحنى آخر

الغد