في مرمى الفشل والتخبط!

في مرمى الفشل والتخبط!
الرابط المختصر

لن تكون خطوة الحكومة بدمج المؤسسات المستقلة وإلغاء عدد منها في الاتجاه الصحيح، إذا اقتصرت على العناوين والهياكل من دون أن تمس المضامين والأدوار والمهمات، فالإنجاز إلى الآن لا يعدو عملية قسمة وطرح على الجداول الورقية لهذه المؤسسات.

أحد القطاعات الحيوية البارزة، لكن الثانوية في التفكير الرسمي، هو قطاع الشباب، الذي عاد وفقا للترتيب الجديد، إلى "مؤسسة رعاية الشباب"، بعد دمج كلٍّ من الصندوق الوطني لدعم الحركة الشبابية ومركز إعداد القيادات الشبابية، بينما بقيت "هيئة شباب كلنا الأردن" في المنطقة الرمادية، ملحقة بصندوق الملك عبدالله، من دون أن تتوضّح طبيعة مهماتها، بعد أن أدت التغييرات في مؤسسة الديوان إلى تراجع أهميتها ودورها الذي كانت تحتله خلال المرحلة السابقة.

المفارقة المحزنة أن كافة هذه العناوين والفعاليات والمؤتمرات والنشاطات لا تجد لها مردودا حقيقيا على أرض الواقع في التأثير على الشريحة العريضة من جيل الشباب.

لم تفلح هذه المؤسسات في مواجهة ثقافة الإحباط والتكاسل والتثبيط لدى شبابنا، فيما تؤكّد الدراسات والإحصائيات، ولعل أهمها تلك الدراسة التي أجراها المركز الأردني للبحوث الاجتماعية التي كشفت عن مخاطر تراجع القيم الوطنية لدى جيل الشباب بصورة مقلقة.

بلا شك، ليس متوقعا ولا مطلوبا من هذه المؤسسات أن تقود جيل الشباب بأسره، لكن مهمتها الرئيسة تكمن في ترسيم استراتيجيات ووضع مسارات لضمان اندماج جيل الشباب بالعمل الخيري والتطوعي والاجتماعي، وتعزيز الصلة بينه وبين مؤسسات المجتمع الأهلي والمدني.

على النقيض من ذلك، ثمة حالة من الاغتراب الحقيقي بين شبابنا والشأن العام في مقابل انتشار حالة من اللامبالاة والإحباط والخواء الثقافي والروحي الذي يؤدي إلى إهدار طاقات وأوقات نسبة واسعة من الجيل الجديد فيما لا يخدم ولا ينفع.

ولعل القراءة الأولية، غير الدقيقة تماما، لخريطة اهتمامات الشباب وأولوياتهم وثقافاتهم وسلوكهم، سنجد أنّنا إما أمام جيل استسلم للإحباط واليأس والبطالة، وبعضه سلّم نفسه للمخدرات أو الاهتمامات السطحية الاستهلاكية، وإما أودى به ذلك إلى متاهات التطرف والتشدد الديني، فيما تكاد تكون الأحزاب والمؤسسات المدنية والأهلية خاوية على عروشها من جيل الشباب.

ما هي النتيجة؟ بدلا من أن تكون طاقات الشباب في خدمة البناء والعمل الاجتماعي والنشاط اللامحدود والعمل من أجل الخير العام، فهي مكبّلة معطّلة، أو تسير باتجاه مناقض لذلك تماما نحو الانعزالية والفردية والاستهلاكية والتطرف بكافة أنواعه الدينية واللادينية.

الصورة لا تبدو سوداء قاتمة تماما، فمن لديه اشتباك مع جيل الشباب يلحظ بسهولة أنّ هنالك شريحة واسعة منه تبحث عن نفسها وهويتها والطريق إلى الإنتاجية والفعالية، لكنها تفتقد البوصلة، مصابة بالقلق من الانخراط بأي نشاط سياسي ولا تدرك أهمية العمل الاجتماعي والتطوعي والخيري.

السؤال المهم والحيوي اليوم الذي يشكّل مفتاحا لإنقاذ جيل الشباب هو: كيف يمكن أن تكون هذه المؤسسات الوطنية والعامة بمثابة مراكز تنوير وإرشاد وتوجيه لشبابنا؟

ما هي الخطوات العملية والمراحل التي نضمن معها أن نرى بعد سنوات نسبة كبيرة من جيل الشباب تنخرط في العمل الخيري والاجتماعي والتطوعي، وتتخلص من آفات الخواء والإهمال والإحباط؟

تلك مهمة وطنية عاجلة لا تقبل التأجيل وهي المضمون الحقيقي لإعادة هيكلة المؤسسات الشبابية، فلا نكتفي بالأبعاد الشكلية في الدمج.

الغد