في "القطيعة" الحكومية مع توصيات حقوق الإنسان

في "القطيعة" الحكومية مع توصيات حقوق الإنسان

إذا كانت الحكومة قد أجابت عن تقارير المؤسسات الدولية مثل "بيت الحرية" و"هيومن رايتس واتش" بأنهم لا يعرفون خصوصية واقعنا الأردني، فبماذا سترد الحكومة على تقرير "أولاد البلد" المركز الوطني لحقوق الإنسان؟!

حين أشار تقرير "فريدوم هاوس" بأن الأردن انتقل إلى تصنيف "بلد غير حر" فهو لم يخطئ تماماً. والدليل، الوقائع والمشكلات التي يقدمها تقرير المركز الوطني عن سجلنا في حقوق الإنسان، والمركز لا يتوقف عند الحقوق السياسية بل يمتد إلى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

إطلالة بسيطة على التقرير تكشف عن أن "أمورنا ليست على ما يرام"، وبأن الحكومات "ذان من طين وذان من عجين"، وأن توصيات المركز الوطني تطنشها الحكومات وتهملها، ولذلك يرفع رئيس مجلس الأمناء الدكتور عدنان بدران الصوت عالياً بأن الحكومات لم تنفذ سوى 3.8 % من توصيات المركز بشكل كلي، و11 % نفذتها بشكل جزئي في حين لم تنفذ 85.2 % من توصياته.

تقرير المركز الوطني لحقوق الإنسان يشير إلى استمرار التعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية في المراكز الأمنية ومراكز الإصلاح والتأهيل.

ويحذر من تراجع الحرية والأمان الشخصي 15 %، وهي قضية تستحق الاهتمام من كل صانعي القرار، فالأردن ثروته الأساسية شعور الناس بالأمن والطمأنينة، فإذا افتقدنا ذلك فنحن نواجه أزمة حقيقية تنعكس على حركة الناس والسياحة وصورتنا في الخارج.

ويتوقف التقرير عند الشكاوى بمجال الاستخدام المفرط للقوة والمبالغة في أعمال المداهمة للبيوت، مشيراً إلى استخدام قوات الدرك القوة المفرطة في تفريق الاعتصامات خصوصاً في محافظتي العقبة والعاصمة وفي بعض المباريات الرياضية.

ونبه التقرير إلى تنامي ظاهرة تعاطي المخدرات، حيث يشير إلى زيادتها بنسبة 26.4 %.

ولم يتجاهل تقرير المركز الوطني قضية الاتهامات للجهات الرسمية بسحب الجنسية من الأردنيين، وقال "إن الجهات ذات العلاقة استمرت بسحب الجنسية والأوراق الثبوتية من العديد من الأردنيين استناداً إلى تفسيرات مبهمة لتعليمات فك الارتباط الإداري والقانوني مع الضفة الغربية لعام 1988، وبناء على شروط جديدة غير مدونة وينقصها السند القانوني الواضح، وهو ما يشكل مخالفة للنص الدستوري والمعايير الدولية لحقوق الإنسان".

لم يغفل التقرير إضاءة الجوانب الإيجابية، وتحديداً التحسن في مراكز الإصلاح والتأهيل بعد إنشاء مراكز جديدة وتوقيع عدة اتفاقيات في مجال حقوق الإنسان وتزويد المراكز بكوادر طبية متخصصة، وكذلك تجميد عقوبة الإعدام منذ شهر حزيران 2006.

حكومة دولة سمير الرفاعي ليست مسؤولة عما سبقها، ولكنها مطالبة اليوم بقراءة التقرير، فالذين أعدوه من أهل الدار، وجاء هذا المركز بإرادة ملكية لتحسين واقع حقوق الإنسان.

الأهم وضع خطة تنفيذية للتعامل مع توصيات التقرير ووضعها محل التنفيذ، وما يطلبه التقرير ليس مستحيلاً، فهل معجزة أن يلغى قانون منع الجرائم، وهل مستحيل أن نعدل قانون الاجتماعات العامة فهو مخالف للاتفاقيات التي وقعها الأردن، وهل يمس أمن الدولة إقرار قانون عصري للجمعيات، وهل معقول أن يظل قانون وثائق وأسرار الدول معمولا به منذ عام 1971؟!

تحاكم الحكومات على أفعالها لا على كلامها المعسول، وهذه فرصة لحكومة الرفاعي لإثبات جديتها في ملف حقوق الإنسان!

أضف تعليقك