.. عودة إلى كنوز الوطن!

.. عودة إلى كنوز الوطن!
الرابط المختصر

أحد المهتمين بشؤون البادية الأردنية كان يعلّق على مقال كتبته قبل أسبوع عن «القصور الصحراوية» بعرض أنواع من أشجار البادية على شاشة «كمبيوتر» يحمله.. ودهشت لأن معلوماتي عنها لم تكن صحيحة كلياً: فقد كنت اتصورها شجيرات!!. لكن الصور، وخاصة صورة شجرة البطم، جعلتني اصحح معلوماتي. فهي كبيرة وتوازي شجرة البلوط في غابة الكمالية. وهي معمرة، وتكاد تثير الحزن لوقوفها منفردة متوحدة في هذا اليباب المحيط بها.

شجرة البطم هذه لا تسترعي انتباه مهندسينا الزراعيين في الوزارة أو في القطاع الخاص لاكثارها، وزرع مساحات ولو صغيرة بها في بيئتها.. ولا شيء يمنع أن يكون ذلك حول الأشجار المُعمّرة التي تتناثر هنا وهناك في أنحاء مختلفة من الأردن الجاف!!.

وللصدف، فقد كرّم سمو الأمير الحسن بن طلال جهد أصدقاء ألمان وأردنيين عملوا سنوات في ترميم أبرز وأهم قصورنا «الصحراوية».. ولاحظت أن الاحتفال البهيج كان تحت خيمة.. ولم يكن في ظل أشجار البطم المفترض أن تحيط بهذه التحفة المعمارية التي قرّرت بعد زيارة لمتحلف برلين، ورؤية واجهة هذا القصر التي أهداها السلطان العثماني للامبراطور الألماني.. أقول قرّرت ألا أزوره دون واجهته.. فهل يرمّم الألمان القصر بإعادة واجهته المنهوبة؟؟.

لقد أثار المقال عن ضرورة إعادة الأشجار إلى «قصورنا الصحراوية» أكثر من قارئ.. وقد أرسلت إلى سمو الأميرة وجدان علي بن نايف، صفحتين من كتاب كانت نشرته حول هذه القصور. فالناس لا يعرفون أن هذه القصور كانت وسط غابات كثة، تكثر فيها حيوانات الصيد، وكان خلفاء بني أميّة يزيدون في تخضيرها، ويحضرون لها حتى حيوانات خطرة من إفريقيا.. ومنها الأسود!!.

لقد تصحّرت مشارق عمان وجرش وإربد ومعان، لانكماش عدد السكان في القرون الثلاثة الأخيرة نتيجة فقدان الأمن، ونتيجة التخلف الحضاري الذي اصاب رعايا السلطنة العثمانية التي كانت ذاتها تعاني من التخلف.. ولعله من المثير جداً أن تكون جوهرة الحضارة في الأردن البترا تنتظر مستشرقاً أوروبياً «اكتشفها».. وقدمها إلى العالم.. قبل أن نكتشفها نحن!!.

نحن الآن نسعى إلى استباق التطوّر العلمي بإنجازاتنا التكنولوجية.. التي كان جلالة الملك يفاخر بها في «السيليكون فالي» في كاليفورنيا. ولكننا، في الوقت ذاته، ندعو إلى اكتشاف هذا التنوع البيئي المذهل في بلدنا.. تماماً كما اكتشفنا وادي القمر، ووادي الموجب، وكارثة البحر الميت!!.

إن إعادة المها إلى باديتنا ثم إلى رم وإعادة الماعز الجبلي إلى الموجب، والغزلان إلى محمية الأزرق وبرقش، هي إنجازات قد لا يهتم بها الذين يسعون إلى سياراتهم وبيوتهم الكبيرة وحسابات بنوكهم المتخمة، لكن هناك مجموعات أردنية تهتم بصمت، ولا ينقصها إلاّ مشاركة آلاف الشباب من عشاق الأردن. ويكفي لأهمية ما نشير إليه هذا النوع من الشجر الذي ينشر ظلاً ظليلاً على شاطئ البحر الميت، وعلى امتداد الاوتستراد الذي يوصل إلى الفنادق.. شجر امتد إلى بعض شوارع الشونة (لا أعرف اسمه) ويشبه الخيمة، ولا يحتاج إلى الماء.. عدا مطر الشتاء الشحيح!!. ويتكاثر بالبذور!

الرأي

أضف تعليقك