عن مقاطعة الاخوان واستدارات الاصلاح والخطة «ب» *

عن مقاطعة الاخوان واستدارات الاصلاح والخطة «ب» *
الرابط المختصر

اعتقد أن مقاطعة الاخوان للانتخابات البرلمانية قد حسمت فعلاً داخل أروقة الجماعة، وحتى لو تأخر القرار الذي يفترض أن يصدر غداً عن مجلس الشورى انتظاراً لأية مستجدات، فإن المؤكد أن الاخوان لن ينفردوا – دون غيرهم من القوى المعارضة – بالدخول في الانتخابات مع جبهة الداعين الى “المقاطعة” يبدو اننا امام خيارين اثنين: أحدهما تكرار ما حصل مع قانون الانتخاب الذي أقر قبل ايام ثم جرى التعديل عليه في الدورة الاستثنائية الاولى للنواب، بمعنى أن “السيناريو” سيتكرر، وستقوم الحكومة بطرح مشروع قانون معدل جديد على دورة اسثنائية ثانية، بموجبه سيتم تعديل “المادة” الخاصة بالصوت الواحد ليصبح صوتين مثلا.. او زيادة عدد مقاعد القائمة العامة لتصل – مثلاً – الى 40 مقعداً.

اما الخيار الآخر فهو تأجيل موعد الانتخابات الى العام القادم، وهذا يستلزم حل مجلس النواب وتشكيل حكومة جديدة. وايجاد مخارج قانونية تسمح باخراج قانون “انتخاب” توافقي تـُجرى على أساسه انتخابات نزيهة تدفع “بعملية” الاصلاح الى الامام.

اضافة لهذين الخيارين ثمة اشارات تدفع الى أن قناعة “مطبخ القرار” الآن على الاقل لا تفكر الا في اتجاه واحد وهو اجراء الانتخابات مع نهاية هذا العام، مع بذل ما يمكن من جهود لاقناع الحركة الاسلامية بالمشاركة، واذا ما أصرت على المقاطعة فإن “البديل الاسلامي” جاهز، وهذا البديل يتشكل من مجموعة من الشخصيات الاسلامية ذات الوزن “الثقيل”، منها من “يتوقع” انشقاقه عن الاخوان او سبق ان خرج منها في السنوات الماضية، ومنها اشخاص محسوبون على خط الوسط او مستقلون.. الخ، كما سيتزامن مع ذلك تقديم بدائل اخرى “للممتنعين” من الحراكات والعشائر.. بمعنى ان الخطة (ب) لاجراء انتخابات هذا العام، حتى لو قاطعت المعارضة جاهزة.. وفرصة “النجاح” فيها متوفرة.

المشكلة هنا أن اصحاب هذه “الفكرة” يتعاملون مع المشهد العام من زاوية واحدة وهي “اجراء انتخابات” مبكرة بمعزل عن كل ما يجري في البلد، باعتبارها – حتى مع مقاطعة البعض – المخرج الافضل من الازمة السياسية، والعلاج الأنجع لها، وهذه فكرة غير دقيقة، فالانتخابات البرلمانية هي جزء من العملية الاصلاحية، ولكنها ليست “الاصلاح” الذي يطالب به الناس، وحتى لو افترضنا بأن اجراءها مع مشاركة الأغلبية هو الحل، فإن نجاحها – كوصفة انقاذ – يحتاج الى مناخات سياسية وشعبية مختلفة، وهذه المناخات غير موجودة الآن، بل ان العكس هو الصحيح.

مقاطعة الاخوان التي يجري التهوين منها، لا تتعلق فقط بمقاطعة حزب معارض، وانما لها ابعاد سياسية وديمغرافية اخرى يجب الانتباه لها، واذا كان البعض ما زال يراهن على أن الاخوان سيتراجعون عن المقاطعة حتى لو اشهروها الآن، فهو يخطئ، اولاً لأن قرار الاخوان بالمقاطعة في الاصل هو دفاع عن “وحدة” الجماعة التي تعرضت في الفترة السابقة لاهتزازات عنيفة بسبب التدخل في هذا الملف، وقد فهمنا من خالد مشعل – مثلاً – ان نصائحه للاخوان لدفعهم للمشاركة لم تغير في مواقفهم، وثانياً لأن انفراد الاخوان بالمشاركة سيعزلهم سياسياً عن الشارع وعن القوى المعارضة الاخرى، وسيسحب من رصيدهم الشعبي، وهو ثمن لا يمكن أن يغامر الاخوان بدفعه مقابل “مقاعد” في البرلمان.

يصعب على المراقب ان يفهم ما يجري، لكن كل ما يمكن أن نلتقطه هو أن ثمة من يراهن على الوقت انتظاراً لمستجدات أو تغيرات في المشهد الداخلي او الاقليمي، بمعنى أن “الوصفة” المطروحة للاصلاح، بما فيها قانون الانتخاب، سيتم تداولها مرحلياً، فإذا انزاحت بعض العوائق أمامها فإنها ستأخذ طريقها للتنفيذ مع تحمل بعض الخسائر، وإذا لم يحصل ذلك، فإن الوقت ما زال مفتوحاً “لاستدارة” اخرى.

span style=color: #ff0000;الدستور/span