عدوى المقاطعة تنتشر فمن يوقفها؟

عدوى المقاطعة تنتشر فمن يوقفها؟
الرابط المختصر

المكابرة لا تنفع ولا بد من الحوار المباشر والسريع.

ها هي عدوى مقاطعة الانتخابات تنتقل الى اوساط واحزاب غير محسوبة على المعارضة التقليدية, فبعد اعلان الاسلاميين فاجأ الحزب الوطني الدستوري المراقبين بنيته مراجعة قراره بالمشاركة والتوجه نحو المقاطعة.

اللافت ان جبهة القوى المقاطعة ورغم اختلاف توجهاتها الفكرية والسياسية إلا انها تلتقي على قائمة واحدة من المطالب تعتقد ان من الواجب تلبيتها لاستعادة الثقة بالعملية الانتخابية ومبدأ المشاركة السياسية.

الازمات الاقتصادية والاجتماعية واسلوب الحكومة في التعامل مع حركات الاحتجاج المطلبي التي تفجرت في الاونة الاخيرة خلقت مزاجا سلبيا في الاوساط السياسية والشعبية.

ويبدو ان رحيل وزراء التأزيم في التعديل الحكومي والذي جاء متأخرا, لم يغلق الملفات من وجهة نظر تلك الاوساط, وهذا الانطباع صحيح, فبدون تسوية عادلة للقضايا المطلبية والتراجع عن القرارات الاستفزازية بحق المعلمين لن يُحدث التعديل الوزاري الفرق المطلوب.

ان قرار الاسلاميين بالمقاطعة سيعزز جبهة الرفض السياسي في البلاد وسيدفع بقوى حزبية واجتماعية ونقابية الى اتخاذ مواقف مشابهة, ففي اوساط حركات المعلمين والمتقاعدين والطلاب ميل متزايد للمقاطعة.

المكابرة لا تجدي في مثل هذه الحالات والتجاهل بحجج ومزاعم واهية سيفاقم المأزق, وسنصل الى الانتخابات, حكومة ومجتمعا, منهكين ومنقسمين, وفي مثل هذه الاجواء يصعب الرهان على خروج تشكيلة نيابية تلبي الطموح وتستجيب لتحديات المرحلة المقبلة.

الحوار والانفتاح على قوى المقاطعة ليس تنازلا من طرف الحكومة, هذه العقلية الاستعلائية التي حكمت سلوك الحكومة في الازمات السابقة ينبغي التخلص منها, فهي لم تجلب سوى المزيد من المشاكل والمتاعب للجميع, والاسوأ منها الرد على قرارات المقاطعة بحملات التشهير الإعلامي والتشكيك السياسي بنوايا المقاطعين.

جُربت من قبل كل هذه الوسائل البالية وفشلت, علينا ان نبحث عن وسائل جديدة في معالجة ازماتنا الداخلية وادارة الخلاف بادوات حضارية وديمقراطية والاخلاص لمبدأ المشاركة والتوافق الوطني.

لم يكن لدى الحكومة نوايا سيئة تجاه اي من القوى المقاطعة, هذا صحيح, لكن طريقتها في ادارة ملف الانتخابات منذ شرعت في اعداد القانون واصداره ترك الانطباع عند الكثيرين بانها غير معنية بالرأي الآخر ولا مكترثة بايجاد تفاهم على متطلبات المشاركة, وفي المحصلة لم تتحقق الثقة المطلوبة لتجاوز مأساة الانتخابات الماضية.

من حق الناس ان يشكّوا ويحذروا من التورط في عملية معدة سلفا, رئيس الوزراء نفسه بدا مرتابا فشكل لجنة توجيهية فوق لجنة الانتخابات المركزية حتى لا تفلت الامور من بين يديه. فما بالكم من مرشحين تعرضوا للخديعة مرات ومرات.