طــــرد الســــفـيـر !

طــــرد الســــفـيـر !
الرابط المختصر

اشتعلت الاجواء في عمان على خلفية تصريحات النائب عبدالله عبيدات ضد الرئيس السوري،ورد السفير السوري عليه ببيان حاد جدا،تم اشهاره وابراقه،وتم ايضا اغراق مكتب النائب بعشرات النسخ منه المرسلة مجانا من السفارة السورية في عمان،وتعدد النسخ يعني الاصرار على الموقف،مثنى وثلاث ورباع.

اشتباكات الاوساط الاردنية مع السفير السوري في عمان،وردود فعل السفير وتعليقاته الحادة،متواصلة منذ عامين،وقد تستحق هذه الاشتباكات كتابا او فلما وثائقيا بعد قليل لارشفتها وتوثيقها.

السفير من جانبه لايسكت واقل توصيفاته لمن ينتقد دمشق الرسمية بأنه ناطور من نواطير الكاز والغاز،الى توصيفات اخرى كثيرة،غير ان توصيفاته لاتترك خطا احمر إلا وتقفز عنه، وجوابه معروف مسبقا،بأن جماعتنا هم من بدأوا أولا!.

ماهو مهم هنا بصراحة،ان تتوقف هذه المعارك،فمن السهل جدا المطالبة بطرد السفير السوري في عمان،والحكومة لو كانت تريد مطالبته بمغادرة البلد لفعلت ذلك منذ زمن بعيد،لكنها تمشي على حبل مشدود،ليس لان السفير اقوى منها،بل لان التوقيت ضاغط ولا يريد الأردن الاقدام على أي تصرف ضد السفير وهو لايعرف .. أين مآلات الأمور في سورية؟!.

علينا ان نعترف هنا ان تحذيرات الحكومة الموجهة ضد السفير سابقا توقفت عند حدود التوعد،ولم تتحول الى اجراءات عملية،فمثل هذه الاجراءات مكلفة جدا،والاصل ان نرحم عمان الرسمية من اختبار قدرتها على طرد السفير او ابقائه بالتوقف عن فتح هذه المعارك،وشتم دمشق الرسمية عطاء يتعهده معارضوها من السوريين اساسا.

اللافت للانتباه هنا ان اغلب معارك السفير تم خوضها من باب رد الفعل على مواقف تم اتخاذها في عمان ضد نظامه،سواء جاءت هذه المواقف عبر تصريح سياسي او مقال او اي شكل آخر،والسفير ذاته كان يميل الى الصمت في فترات معينة لم تكن سياسات دمشق الرسمية تتعرض خلالها الى نقد او تحرش في عمان،وهذا يقول وهو كلام لايعجب كثرة في عمان،ان سكوت السفير ممكن وسهل جدا،اذا توقف الاخرون عن التحرش السياسي بدمشق الرسمية.

هذا ليس دفاعا عن السفير،فلا نعرفه ولايعرفنا،بل لعلي احد الذين لم يدخلوا الشام في حياتهم،لكون اسمي مدرج على قوائم الممنوعين من الدخول،منذ سنين طويلة وقبل هذا الذي نراه في سورية،وهذا يقال حتى لاننزع فقط الى تأويل المواقف باعتبارها مؤشر على رابط سياسي او اتصال معلن او خفي في مرات كثيرة.

نتحدث هنا عن المبدأ،والمرء لايقبل ابدا ان يتم مس الاردن او نظامه من جانب اي سياسي عربي او وسيلة اعلام عربية،كنا على حق ام على باطل،والتطبيل ضد السفير،لايقرأ بعناية ان اغلب مواقفه تأتي من باب رد الفعل،وان كنا نتحفظ بشدة ايضا على توصيفات يطلقها تحمل إلماحات سلبية وسيئة ضد النظام السياسي في الاردن،بطريقة او اخرى،وكان الاصل ان يرد بطريقة اكثر تأثيرا حتى لا يتورط في ذات لغة من يهاجمون نظام بلاده.

الكل يعرف ان سورية باتت ملعبا مفتوحا لكل تنظيمات العالم،ولكل الاجهزة الامنية في العالم،والكل يرمي حطبه في هذا الموقد،والنتيجة حرق سورية الشعب والدولة والبلد والجيش،والاصطفاف يجب ان يكون مع نجاة السوريين،فقط،واي اصطفاف مع فريق ضد فريق،يعني فعليا رمي مزيد من الحطب في هذا الموقد الذي يرقد بجانبه الثعلب العبراني ليتدفئ في  هذا الليل البارد.

سنقول حتى لايغضب كثيرون ان السفير السوري يتجاوز حده وحدوده،غير ان العودة الى كل ارثه في عمان ستكشف ان اغلب مواقفه جاءت من باب رد الفعل،والحل سهل،فإذا كنا نريد ان يسكت السفير،فعلينا ان نسكت نحن ايضا،وفي حالات اخرى يكون التعبير عن الموقف السياسي مقبولا من الطرفين،اذا تجنب الجميع المفردات الجارحة والقاسية والمؤلمة.

هذا حرف غير مقصود لكل علاقتنا مع السوريين،فالقصة اعمق بكثير من قصة نائب وسفير،او كاتب وسفير،او ناشط وسفير،هي قصة سورية خاصرتنا الشمالية التي يهدد انهيارها الاردن مباشرة،مثلما تهددنا خاصرتنا الشرقية في العراق وخاصرتنا الغربية في فلسطين،ولعل ترك التعبير السياسي لذات السوريين حول قضيتهم،هو خير بكثير من مد القدمين  في وجه قضايا الجوار،وسط مناخ حارق.

لانقبل ان يسيء السفير للاردن او لاحد فيه،غير ان علينا ان لانمنحه الفرصة لذلك،بسكوتنا نحن ايضا،كما سكوته المطلوب،والقصة ليست قصة مناددة ومساواة بين طرفين،بقدر كونها اغلاقا لكل نوافذ هذه العواصف.

 ليس من الذكاء بمكان ان تشتد رميات القوس على دمشق الرسمية هذه الايام،والدنيا على بوابة تحول،واذا كانت القصة عنترية وتسجيل مواقف في الهواء الطلق،فأنني اطالب ايضا بطرد السفير، اذا كان في طرده حل للمحنة السورية!!.

الدستور