ضمان ربات البيوت
لطالما شعرت ربات البيوت بفقدان القيمة التي تولدها ثقافة العمل رغم الجهد الكبير الذي يبذلنه في أداء الواجبات المنزلية، وكثيرا ما أحست النساء بضعف الحيلة في مواجهة مستقبل لا يدرين ما يخبئ لهن، ويدعم ذلك غياب ضمانات مالية تكفل لهن شيخوختهن وتحميهن من مفاجآت آخر العمر.
ويتضاعف الإحساس بالتهميش لدى النساء غير العاملات، اللواتي سخرن أنفسهن لرعاية الزوج والأبناء، بعد أن أسقطن من حساباتهن أهمية توفير أي ضمانة للمستقبل تحميهن من الزمن وما يخبئه، متكئات على أمل بأن يرد الأبناء والأزواج بعضا من المعروف.
عيد الأم الذي مضى كان مناسبة مثالية لتسليط الضوء على العديد من حالات النكران التي عاشتها نساء سخرن سني أعمارهن وأيامهن لخدمة الأبناء وتنشئتهم، ولم يجدن بعد سنوات من التعب ما يضمن لهن شيخوختهن ليقضين ما تبقى لهن من العمر بين جدران دور المسنين.
اليوم وبعد إقرار قانون الضمان الاجتماعي المؤقت ينفتح باب أمل لهذه الشريحة من المجتمع، ليؤكد أن ما تقوم به ربات البيوت لا يقل أهمية عن أي عمل آخر تؤديه النساء، فالتشريع الجديد يؤسس لحالة تحترم وتقدر ماديا ومعنويا العمل المنزلي والتربوي الذي يقدمنه للأسرة.
والقانون يقدر مهام ربة البيت ويعطيها الفرصة لتتساوى مع مثيلاتها ممن يخرجن إلى سوق العمل ويسهمن في العملية الإنتاجية والاقتصادية كل بحسب إمكاناتها وظروفها.
في الماضي كانت بعض السيدات يضطررن للكذب ليتمكن من الخضوع لمظلة الضمان الاجتماعي، وكن يدعين العمل لدى الجهة الفلانية أو العلانية للتحايل على القانون الذي لم ينص على حق ربات البيوت في الخضوع للضمان الاجتماعي.
واليوم الحال مختلف، كون القانون الجديد يسعف وينصف ربة البيت ويحقق لها الإنصاف والعدالة بحيث لا يبقى مصيرها معلقا بغيرها.
هذه الإيجابية، تزيل أحد أشكال التمييز ضد المرأة لا سيما وأن الحديث عن الظلم الذي يتعرضن له، ليس له أول من آخر، وتحديدا في المجتمعات البعيدة عن العاصمة حيث تعمل المرأة وتجهد في توفير الدخل من مشاريع إنتاجية منزلية إلى جانب عملها في المنزل من دون أن تتوفر لها أي أداة تؤمن لها راتبا تقاعديا يحميها من الزمن وتقلباته.
فإخضاع ربات البيوت للضمان يحمي النساء صاحبات المشاريع المنزلية الصغيرة وهن كثر، حيث تؤكد الدراسات أن أكثر من 95 % من القروض متناهية الصغر تحصل عليها سيدات ولا يملكن أي حماية اجتماعية ولا يخضعن لأية مظلة تأمينية.
بعيدا عن ربات البيوت، يمكن القول إن القانون الجديد أنصف النساء الى حد ما، بعد أن وفر ميزات تسهم في تحسين ظروف بيئة العمل لهن، وأقر تأمين الأمومة، لدفع أصحاب العمل لتشغيل النساء، إضافة إلى السماح للسيدة العاملة الاستفادة من أجرها من العمل وكامل حصتها التي تؤول إليها من راتب زوجها المتوفى، إلى جانب توريث كامل راتب المرأة المتوفاة كما راتب الرجل.
التعديلات السابقة تصب بلا أدنى شك في إطار تعزيز مشاركة المرأة في سوق العمل، وتبني قواعد تشجعها على الانخراط بشكل أكبر في العملية الإنتاجية، وتنصف ربات البيوت وتحميهن من أيام قادمة لا يعلمن ما تخبئ لهن.