ضجة أحدثتها مداخلة الرفاعي

ضجة أحدثتها مداخلة الرفاعي
الرابط المختصر

رد رئيس الوزراء على ملاحظات نيابية عابرة اثار الشكوك حول نوايا الحكومة اتجاه الاعلام .

استطيع ان اجزم بان 99 بالمئة من النقد الذي وجه لمجلس النواب في وسائل الاعلام مؤخرا كان نقدا بناء وموجها للاداء لا لاشخاص النواب مع ان النقد للشخصيات العامة وسلوكها وتصرفاتها امر مشروع في الاعلام.

وما خرج عن هذا السياق كان محدودا في وسائل معزولة لا في صحف ومواقع الكترونية معروفة.

فلماذا اذا كل هذه الضجة النيابية والحكومية?

بالنسبة لمجلس النواب اعتقد ان اغلبية اعضائه لم يتعودوا من قبل التعامل المباشر مع وسائل الاعلام وان تكون مواقفهم خاضعة للتحليل والنقد كما كان الحال في جلسات الثقة, والمأمول ان يتغير مزاج النواب مع مرور الوقت ويصبحوا اكثر تفهماً لدور السلطة الرابعة في الرقابة على اعمال النواب والحكومة.

وما بدر من ملاحظات نيابية تستهجن انتقادات الصحافة لمواقفهم هو من وجهة نظري مجرد حالة انفعالية كان يمكن ان تمر من دون نقاش. غير ان مداخلة رئيس الوزراء ورده على غضبة نائبين في جلسة امس الاول هي التي جعلت منها قضية اكبر من حجمها الحقيقي.

مداخلة الرفاعي ينبغي قراءتها في سياق ملاحظات النائبين رعد بن طريف وفواز الزعبي لانها جاءت كرد على ما اعتبروه اساءة من طرف وسائل الاعلام لمجلس النواب.

وهذه مجرد ادعاءات لم تخضع للفحص والتدقيق ولم نكن نعرف بالضبط ماهية النقد الذي اعتبره النائبان اساءة. لكن رئيس الوزراء وللاسف اعتمد رواية النائبين وايدها بالقول "ما نشاهده من اساءة للمجلس هي اساءة للوطن والدولة, والقانون يعاقب عليها, والحكومة ملتزمة بتطبيق القانون".

موقف الرفاعي المفاجئ هذا اعطى الانطباع بان التشريعات الاعلامية والتعديلات المنوي ادخالها على القوانين السارية تستهدف الحد من حرية الصحافة والاعلام بدعوى "حماية المواطن والوطن من الاساءات والشخصنة والقدح والذم والابتزاز".

عندما يسمع الصحافيون والاعلاميون هذا الكلام من رئيس وزراء فمن حقهم ان يقلقوا وَيشُكّوا بالنوايا, لان جميع المحاولات السابقة لتقييد حرية الصحافة تمت تحت يافطة دعم حرية الصحافة وعشرات من الشعارات الفضفاضة كتلك التي نسمعها هذه الايام.

ان ما ورد على لسان الرفاعي بخصوص الاعلام تحت القبة بدا للكثيرين "حمّال اوجه" وينطوي على قدر من الغموض لا بل التناقض, فمن يرد تشريعات تعزز وتحمي وسائل الاعلام وتصون حقها في الوصول الى المعلومات لا ينسق وراء ملاحظات عابرة ويتعامل معها باعتبارها حقائق لدرجة يرى فيها نقد الاعلام "تهجما" على الدولة ومؤسساتها الدستورية.

بصراحة اشعر ان المزاج تجاه الاعلام في الدوار الرابع وفي "العبدلي" ايضا غير مريح فكلا السلطتين يضيق صدرهما بالنقد ولا تحتملان مقالا في صحيفة او فيلم "كرتون" في موقع الكتروني.

فماذا يقول الشعب الطيب الصابر الذي يتحمل كل هذه الاعباء من الحكومات والبرلمانات ووسائل الاعلام ولا يئن. تَعلّموا من صبر الاردنيين ايها الوزراء والنواب.

العرب اليوم