( سنوات الهمالة )

( سنوات الهمالة )

في هذا الوقت تحديدا من كل عام.. يبدع ابناء بلدي من طلبة الجامعات في مناقشة ابحاث التخرج. لابد وأن تصادف لأن تكون أنت شخصيا حاضرا لولادة هذا العالم او المفكر, تتلقى اتصالاً ليخبرك: بتتفضل على مناقشة مشروع تخرج ابني, بعده مباشرة تباشر بالاستفسار عن تخصصه, فيقال لك: خدمة اجتماعية.

هنا تشعر بالغضب وتأنيب الضمير.. لأن ذلك الشاب الذي طالما كنت تقول عنه: " داير بالشوارع ".. " قاعد عالقهاوي ".. " بتنصب عند البنات ".. " وين مابشوف شك كهربا غير أنه رايح يترقوص ". لم يكن يقوم بذلك الا في سبيل أن يستشهد ببحثه ببعض الوقائع من حياتنا اليومية ?! تقرر أن تكفر عن ذنبك وعن ظلمك لهذا الشاب المبدع وتذهب لحضور مناقشة بحثه..

بعد الوصول: يداهمك على الفور فنجان القهوة السادة.. ومن ثم تتلقى عبارات الشكر على حضورك.. بعدها تبدأ نظراتك تلاحق هذا الشاب المبدع حتى ترى بأم عينيك الاستعدادات الأخيرة التي يقوم بها العالم أوالمفكر قبل أن يبدأ بمناقشة بحثه , وكيفية استغلال كل ثانية متبقية بدراسة البحث.

ولكن , بعد أن تشاهده يقوم: بمطالعة قائمة المدعوين.. مناقشة " طريق الفاردة ".. السؤال عن وصول سيارة " الكشف ".. مراجعة تصفيط باقات الورود.. وبعد ان يبدأ بمناقشة بحثه وينتهي دون ان تفهم شيئا سوى " الزغاريد ".. تكون الصورة اكثر وضوحا عندما يجلس والده بجانبك ليبدأ التذمر عن ارتفاع أسعار مشاريع التخرج الجاهزة ! تغادر القاعة وانت على يقين بأن هذا المبدع لم يشارك بالبحث سوى بكتابة اسمه.

أرجو ان تسمح أنظمة الجامعات بمناقشة ابحاث التخرج في البيوت و " الحيشان ".. فهي بذلك تخفف من أزمة " الزوامير " و من معاناة الناس من الذهاب لحضور مناقشة بعض ابحاث التخرج التي ماهي بالنهاية الا تتويج لـ " سنوات الهمالة " !!.

العرب اليوم

أضف تعليقك