سكين الإسلاميين وكعكة البرلمان
اذا قرر الاسلاميون المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة ، فعدد نوابهم وفقا لتقديرات سيتراوح بين اثنى عشر نائبا وخمسة عشر نائبا.
الحركة الاسلامية تعاني اليوم من عاصفة داخلية ، قد تؤثر على قرار المشاركة في الانتخابات النيابية ، وقد تترك اثراً خلافياً ، على اسماء المرشحين ، ودوائرهم ، خصوصا ، اننا امام مائة وعشرين دائرة انتخابية ، وفقا لما تسرب ، وهو التسريب الذي لايعني من جهة اخرى ان القرار بات نهائيا ، حول عدد المقاعد وسوف يتضح بعد الاعلان عن قانون الانتخابات.
لم يعد الاسلاميون راغبون بمشاركة واسعة ، وهذا توجه "اسلامي" منذ عام تسعة وثمانين ، لان حصد عدد كبير من المقاعد ، له كلفته السياسية والاجتماعية ، وُيفضل الاسلاميون البقاء ضمن دائرة محدودة من اجل البقاء في دائرة عدم التأثير الكامل ، ولاجل عدم تحمل مسؤولية مايتم اقراره من تشريعات او توجهات ، لان العدد القليل يمنح ميزة التبرير والدفاع عن النفس.
معنى الكلام ان الاسلاميين لن يطرحوا عددا كبيرا من المرشحين في حال قرارهم بالمشاركة ، وهم يعتمدون دوما المزج بين الانتماء للحركة الاسلامية ، وطبيعة القاعدة الاجتماعية والعائلية ، ويأتون اليوم في ظل ظروف مختلفة وصعبة ، على مستويات عدة ، من بينها مايمكن ان تقدمه جغرافيا الدوائر الانتخابية الجديدة ، لمرشحي الحركة الاسلامية ، من امكانات الفوز ، او عدمه.
مشاركة الاسلاميين تأتي ايضا في ظل غياب امكانات جمعية المركز الاسلامي الخيرية ، من بين ايديهم ، وهي امكانات ساعدتهم كثيرا ، في التواصل مع الناس ، عبر ملفات الاغاثة والاعانة ، وسيكون صعبا اليوم استخدام امكانات الجمعية الفنية والمالية في الانتخابات ، وسيكون اصعب ان يتدخل كادر الجمعية في التحشيد لمرشحين بعينهم في الانتخابات المقبلة ، تحت وطأة الخوف على الوظيفة.
المعادلة اذاً شائكة وصعبة ، وسُيفكر الاسلاميون مطولا في قرار المشاركة ، لعدة اسباب من ابرزها ، المشاكل الداخلية ، ومخاوفهم من محاولات الاقصاء خلال الانتخابات المقبلة ، بالاضافة الى عدم القدرة على تسييل اي امكانات مالية وفنية لدعم مرشحين بعينهم ، غير ان نقطة الحسم ستتجلى بالسؤال حول كيفية استعادة المواقع في الخارطة السياسية ، وهو امر لايتحقق الا بالتواجد في مجلس النواب.
الاسلاميون لهم نكهة خاصة ، ويمنحون "البرلمان" تنوعا وتعددا ، ولااحد ينكر حضورهم التاريخي ، غير ان المثير هنا ، ودون غمز من قناة احد ، ان هناك تغيرا في مزاج الشارع تجاه كل المرشحين ، بما في ذلك مرشحي الاسلاميين ، فقد باتت الثقة من جانب الناخبين ، حذرة وتخضع لمعايير معقدة ، ومع هذا فأن تصغير الدوائر الانتخابية في القانون الجديد المعدل ، سيفرض عليهم معادلات جديدة غير متوقعة.
بين تغير مزاج الشارع ، وتغير القوانين ، وتغير تركيبة الاسلاميين الداخلية ، يواجه الاسلاميون مثلثا من التغييرات ، وهو مثلث مرعب ، لايمكن تبسيط اثاره او نتائجه ، ولايقودك ضغط المثلث في حال جرت انتخابات نظيفة ، الى اكثر من خمسة عشر نائبا ، في احسن الحالات يمثلون الحركة الاسلامية ، تحت قبة مجلس النواب المقبل ، وهو رقم يراه مراقبون رقما وردياً ، قد لايحوزه الاسلاميون حتى عند صناديق الاقتراع.
الارجح ، سيقرأ الاسلاميون "الرسالة" عبر تفاصيل قانون الانتخاب الجديد ، لانه لن يصدر دون تذكر خريطة قواعدهم في كل مكان ، وسنقرأ "الرد" في بحر ايام ، عبر تعليقات المراقب العام لجماعة الاخوان المسلمين وقيادي الحركة ، الذين سيردون على الرسالة كعادتهم بأحسن منها ، اما تصعيداً او نقداً حاداً ، في كل الاحوال ، لان الحملة الانتخابية تبدأ منذ صدور القانون المعدل. سكين الاسلاميين حادة ، غير ان الكعكعة قد لاتكون متوفرة.