من صنع هذه المناخات الرديئة التي أفرزت من الناس في بلدنا «أسوأ» ما فيهم؟ ولمصلحة مَنْ يُعاد إنتاج «ميليشيات» تجوب الشوارع، وتهاجم المعارضة ومقراتها، وتستقوي باسم «الأردن» على الأردنيين؟ ومن هم «العباقرة» الذين صمموا هذه «البروفات» المخجلة لتخويف الناس من الإصلاح، ودفعهم إلى «بيوتهم»، وتقسيم البلد الى بلدين؟ ثم من انتصر على من؟ هل انتصر الفساد على الإصلاح؟ هل انتصر الأردنيون على الإردنيين؟! انها – بالطبع – أسئلة سخيفة لكن الأكثر سخفاً منها هذا العبث الذي يجري ويسند الى «فاعل مجهول» أو الى عناوين لا نعرفها، او الى «اشباح» يتصورون أنهم «يدافعون» عن الوطن ويريدون أن يصبحوا «ابطالاً» في معركة بائسة، الخاسر الأكبر فيها هو البلد كل البلد.
يشهد الله.. أنني أشعر بغصة كبيرة في قلبي وأنا اتابع ما يحدث في بلادنا، فلم أكن أتصور أن ما بنيناه على مدى العقود الماضية من انجازات سيأتي من بيننا مَنْ سيهدمه في ساعات، ولم أكن اتصور أن عصر «الميليشيات» الذي لم تعرفه بلادنا سيطرق بابنا بمثل هذه السرعة، ويكاد يخنقني سؤال واحد: لماذا ؟! هل اعتدى احد على «مقدساتنا» الوطنية حتى نجيّش الشارع ضده؟ هل سرق دعاة الإصلاح «اموالنا» حتى نستدعي خيرة شبابنا ونطلقهم في الشوارع لتأديبهم؟ هل ارتكب الإخوان المسلمون جريمة ضد الوطن حتى «نشيطنهم»؟ هل احرق المحتجون الشباب مؤسساتنا او كسّروا زجاج سياراتنا حتى نضربهم على رؤوسهم «ونقطع دابر القوم الكافرين»؟
لا سامحهم الله.. هؤلاء الذين أعادوا «بلدنا» الى الوراء، لا سامحهم.. هؤلاء الذين جرحوا مشاعر «الإخوة» فينا وشوّهوا صورة «وحدتنا الوطنية»، ونحن لن نسامحهم ايضاً، لأننا نفهمهم تماماً ونعرف ما يريدون، ولأننا اقوى مما يتصورون، ولأن الإصلاح الذي نطالب به لا يتعارض مع «حبنا» لبلدنا وحرصنا عليه.
الآن، لا يجوز ان ندعو الى طيّ هذه الصفحة قبل ان نعرف الى اين انتهت «التحقيقات» في «البلطجة» التي شهدها «الدوار» وقبله شارع المسجد الحسيني، وقبل ان نفهم «اسرار» هذه «الغزوات» التي تجوب شوارعنا، وقبل ان نرى الحكومة تتحرك بجدية وسرعية لتطويق هذه «الفتنة» ويقف المسؤولون عنها امام القضاء، وقبل ان تتوقف مظاهر التحشيد والتجييش التي اساءت لعشائرنا، وقبل ان يحاسب «الانتحاريون» والزعران الذين استخدموا لتقويض سلمنا الأهلي.
هذه كلها مسؤوليات تقع على عاتق الحكومة، ولا بد ان تنهض بها اذا أرادت ان تقنعنا بأنها «حكومة الإصلاح» وحكومة «حوار وطني»، أما مسؤولينا نحن فهي الانحياز للضمير العام، وكشف «عناوين» البلطجة والإصرار على الإصلاح، والدفاع عن «وحدتنا الوطنية»، والخروج من حالة الصمت والاكتئاب لإفهام من لم يفهم بعد بأن «الأردنيين» كلهم موّحدون في «الميدان»، وبأن البلد أكبر من هؤلاء الذين يريدون أن «يختطفوه» أو أن يجعلوا منه «رقماً» يضاف الى حساباتهم وأرصدتهم المشبوهة!.
الدستور