رحيل لا يغير شيئا

رحيل لا يغير شيئا
الرابط المختصر

كثر الحديث عن رحيل الحكومة في الآونة الأخيرة، وتعاظمت مطالب أطياف مختلفة من المجتمع بذات الاتجاه، احتجاجا على سوء الأوضاع الاقتصادية والسياسية في عهد هذه الحكومة.

وللإنصاف لا يمكن القول إن جميع ما نعاني منه أتت به الحكومة الحالية، فكثير من القضايا مرت علينا سنوات ونحن نتحدث فيها من دون تحقيق تطور ملحوظ فيها.

فالفقر ظاهرة تتصاعد منذ أكثر من عقد، وكرة الثلج يزداد حجمها بشكل مطرد، وما قامت به الحكومة الحالية ليس إلا إضافة شرائح جديدة من الفقراء إلى الموجودين أصلا، نتيجة لعدد من القرارات وتحديدا تلك المتعلقة بزيادة العبء الضريبي على المواطنين.

والبطالة وتحديدا بين الشباب، ليست طارئة على المجتمع، بل مشكلة قائمة منذ سنوات طويلة، أسهمت السياسات الاقتصادية للحكومات المتعاقبة باتساعها، نتيجة النهج الاقتصادي المتبع، وضعف سياسات الاستثمار والعجز أمام جذب مشاريع مشغلة للأردنيين تحديدا.

وبغض النظر عن الملاحظات حول السياسة المالية المطبقة حاليا، فإن معضلة العجز أيضا هي مشكلة ورثتها الحكومة كغيرها من المشاكل، وسعت لتقديم حلول لها سواء أقنعتنا بها أم لا.

أما المستوى المعيشي الذي تراجع بشكل مطرد منذ العام 2010، فليس جديدا خصوصا وأن النهج الاقتصادي المتبع، منذ أكثر من عقد، أسهم بإفقار الناس وأعاد ترتيب الطبقات الاجتماعية من جديد.

وما ألم بالطبقة الوسطى من تقهقر ليس وليد اللحظة، بل هو نتاج سنوات من الإهمال الرسمي لهذه الشريحة، التي تعرضت لصنوف مختلفة من الضغوط الاقتصادية والاجتماعية لعل وعسى أن تصمد في وجه كل ما يلحق بها.

الدين العام تصاعد بشكل ملحوظ منذ العام 2010 بحوالي 1,2 بليون دينار، إلا أن مبادلة الدين مع نادي باريس في العام 2007 التي استخدم فيها 1.65 بليون دينار من عوائد التخاصية لم يكن في عهد هذه الحكومة، حيث تنامى الدين بعد صفقة نادي باريس وارتفعت المديونية إلى الضعف في أقل من عامين. إذن، الحل ليس في رحيل سمير الرفاعي وفريقه، بل في إعادة النظر في النهج المطبق والسياسات المتبعة، وفي القدرة على وضع رؤية تخطط للبلد لعقد مقبل.

لربما ترحل الحكومة الحالية، وتأتي أخرى، لكن ذلك لا يعني أبدا أن معدلات البطالة والفقر ستتراجع وسيصحو الناس من نومهم ليجدوا الأردن خاليا من العوز والتعطل.

وليس بالضرورة أن تتمكن الحكومة المقبلة، أيا كان رئيسها، من تحقيق الشعارات التي رفعها المحتجون على مدى أسابيع مضت، بل ليس هناك ما يؤكد أن التغيير هو الحل الحقيقي للمشكلة.

الوصفة الفاعلة لوقف نمو هذه المشاكل وتقليل حجم مشاكل الناس والمجتمع ليس في تغيير الفريق الحكومي، بل في استبدال طريقة التفكير وآليات العمل، من خلال قلب الطريق الذي سرنا عليه لسنوات، والذي أوصل الناس للشارع احتجاجا على ما آلت إليه أحوالهم نتيجة سياسات الحكومات المتتالية.

النظر للأمام والحلم بمستقبل أفضل يستدعي التمعن بالكيفية التي تطورت بها الشعوب والمجتمعات، والأخذ بتجارب الغير من أجل تحقيق الإصلاح المنشود.

الحاجة ماسّة لمراجعة المعادلة الداخلية ومعالجة التشوهات التي تعاني منها لإعادة ترتيب الملفات الداخلية بما يضمن المشي نحو المستقبل بثبات

الغد