دهاليز الحكومة: ما خفي أعظم

دهاليز الحكومة: ما خفي أعظم
الرابط المختصر

الأخبار القادمة من دهاليز الحكومة تؤكد أن التنسيق بين الوزراء ليس على أحسن حال، والأنباء المتسربة تعود بفكرة التخطيط والتنسيق ومقولة الفريق الواحد إلى المربع الأول.

فما يحدث في ملف المساعدات الأميركية الإضافية، والأخطاء التي ارتكبها وزير التخطيط في إدارة المسألة سواء في عمان أو واشنطن، يعكس ضعفا في تقدير قوة الآخر وحجم تأثيره سلبا على الوضع المالي، وتحديدا في دولة ما تزال تعتمد بشكل كبير على المنح الخارجية، وتعدها بندا رئيسيا لبناء موازنتها العامة.

فالمشكلة الحاصلة بين وزارة التخطيط من جهة ووكالة الإنماء الأميركية، ولدت إصرارا لدى الجانب الأميركي برفض تحويل ما كان متفقا عليه من مساعدات إضافية لدعم الخزينة، بحيث انخفض المبلغ من 70 مليون دولار إلى نحو 31 مليونا من أصل 100 مليون دولار مساعدات إضافية.

ومثل هذه الحادثة تعيد إلى البال فكرة التخلي عن المنح، كخانة رئيسية تدرج ضمن بنود مصادر إيرادات الخزينة من دون أن نحقق أية نتيجة في هذا المجال، إلى جانب إهمال علاج عيوب أخرى يعاني منها نظام الإيرادات المحلي.

ففي الأردن مثلا نهمل وضع نظام صارم لمنع التهرب الضريبي، ونركض خلف أموال المساعدات، رغم أن المبالغ المقدر تحصيلها من تحسين وضبط أسلوب جمع الضرائب والمقدرة بنحو 500 مليون دينار، تفوق تلك المتأتية من المساعدات التي يدفع ثمنها فاتورة سياسية واقتصادية وحتى إصلاحية.

وثمة قصة أخرى تدل على سوء الإدارة تتعلق بما حدث حيال بلاغ الموازنة وتأخر صدوره، نتيجة انعدام التنسيق بين وزارة المالية والتخطيط، من أجل إعداد موازنة رأسمالية تجمع بين حاجة الوزارات والمؤسسات ومشاريعها المدرجة في البرنامج التنفيذي للحكومة للفترة 2011 - 2022 وبين ما يرصد لها من مخصصات في الموازنة العامة.

مثل هذا الموقف قد يمر ببساطة ومن دون تعليق، بيد أن تحليله يكشف عن ضعف التنسيق، ويقتل فكرة الفريق الذي يخطط ويحلل ويبني خططه بناء على عمل تشاركي.

وتتضاعف خطورة الموقف حينما نأخذ بعين الاعتبار أن بلاغ موازنة 2011 ما هو إلا انعكاس لخطة عمل العام المقبل ماليا وتنفيذيا بشكل تفصيلي، بينما يقدم البرنامج التنفيذي رؤية الحكومة، وتوصيفها لحال البلد خلال الأعوام المقبلة بخطوط عريضة.

والمشكلة الكبرى أن الخطوط الرفيعة وتلك العريضة لم تتلاق، فكيف ستكون نتائج التخطيط على المملكة، وماذا يتوقع الوزراء بعد هذا الضياع والتخبط وكل يضع خططه على حدة؟، وكأنهم في جزر معزولة رغم أنهم يلتقون مرتين أسبوعيا للتباحث في الشأن العام والمصلحة العامة.

وبالعودة إلى الوراء، تقدم لنا الحادثتان السابقتان جوابا شافيا عن سؤال برسم الإجابة، يتعلق بأسباب ضعف نتائج العمل الحكومي، وغياب أثر إنفاق البلايين، حيث تقدم لنا هاتان الحادثتان توضيحا كافيا، لما كان يحدث في الماضي وما يمكن أن يحدث في المستقبل.

يبدو أن العمل اليومي والوقت الطويل الذي يقضيه الوزراء في العمل، يضيع فرصة البحث عن نقاط التلاقي وتبادل الأفكار، من أجل وضع خطط محكمة أساسها العمل الجماعي الذي أثبتت تجارب دول مختلفة أنه كان الأساس في تحقيق نقلة نوعية في حياة الشعوب.

لربما كان ضعف التنسيق بين أهم وزارتين اقتصاديتين غير مقصود، لكن هذا ما حدث .

الغد