دم الإصلاح على مذبح النواب

دم الإصلاح على مذبح النواب
الرابط المختصر

عظم الله أجركم؛ شكر الله سعيكم؛ كل عام وأنتم بخير؛ خلصت الحدوتة؛ عيّدت؛ يرحم ما فقدتم..

عبارات تداولها الأردنيون منذ أقر مجلس النواب النظام الانتخابي، في دلالة على نهاية عمر ملف الإصلاح.

دلالة هذه العبارات، والتي عادة ما يستخدم أغلبها في بيوت العزاء، هي أن النواب ومن يقف خلفهم من أجهزة بيروقراطية أمنية (الدولة العميقة)، تآمروا معا على فكرة الإصلاح وقتلوها قبل خطوتها الأخيرة، رغم الدعوات المتكررة التي قدمت للوصول إلى صيغة توافقية، تعبر بالأردن هذه المرحلة بسلام.

وبما أن إكرام الميت دفنه، فإن الواجب يقتضي أن ننعى بحزن وأسى مسيرة الإصلاح وفكرته التي أجهضت بمؤامرة جماعية، تكاتفت فيها كل قوى التخلف والرجعية التي تقاتل لإبقاء الحال على ما هو عليه.
صدق رئيس الحكومة فايز الطراونة، حينما قال إن الصوت الواحد لم يدفن.

والحقيقة أن ما دفن منذ تلك اللحظة هو الإصلاح، ولا شيء آخر.

وما حدث من قبل مجلس النواب ليس مستغربا؛ فهو المجلس  ذاته الذي طوى ملفات الفساد جميعها، وبدد أوهامنا الكبيرة بوجود فساد وفاسدين في الأردن، وكشف أن لا فاسدين لدينا

الجرائم التي ارتكبها المجلس بحق الأردن وشعبه كبيرة، وتمت في وضح النهار عن سبق إصرار وترصد، وبتواطؤ مع جهات وقفت من الإصلاح موقف العداء منذ البدايات، مسقطة من حساباتها المصلحة العامة ورغبات الشعب، ومركزة على غاية واحدة هي إبقاء الحال على ما هو عليه.

القول بأن الإصلاح انتهى ينطلق من مخرجات ما اقترفت أيدي أعدائه، ونتائجه المتوقعة في المرحلة المقبلة، خصوصا ما يتعلق بتأجيج الجو العام وتراجع المزاج السياسي.

والظاهر أن من خطط للوصول إلى هذه النتيجة لم يحسب تأثير ذلك على مستقبل البلد، والسيناريوهات السيئة التي تطل برأسها، ومدى خطورة هذه الجريمة على الوضعين المالي والنقدي اللذين سيزدادان تعقيدا وصعوبة، في ظل الحالة السياسية الضبابية.

ولم يدر في خلد الأذكياء أن فشلا ذريعا سيسجل بحق البلد وسمعته، بعد هذه الردة القوية على فكرة الإصلاح، خصوصا إذا ما بقي المحتجون في الشارع رافضين نتاج عملية غير ديمقراطية مررتها سلطة تشريعية لا تملك ثقة الشارع، ولم تسع إلى كسبها حتى في آخر أيامها.

أصر مجلس النواب حتى اللحظة الحاسمة على أن يقدم نفسه دمية تحركها قوى خفية، لتنفيذ رغبات قوى الشد العكسي التي اتخذت موقفا سلبيا مبكرا من كل فكرة الإصلاح، وظلت هذه القوى مصرة على بقاء الأردن دولة غير ديمقراطية، وسلطاتها غير مستقلة، وقراراتها مركزية تنبع من جهة واحدة.

للضحية في هذه الحالة أنصار كثر لن يتنازلوا عن حقها أو الثأر لدمها المسفوح على مذبح النواب.

ولا يظنن المنتصرون في هذه الجولة أنها النهاية، بل بداية لطريق جديدة ستتبعها القوى السياسية المختلفة، التقليدية والحديثة، في معركة الإصلاح، ولا ندري من سيخسر فيها ومن سيربح.

الأبواب اليوم مفتوحة على مآلات كثيرة، وما تزال الفرصة مواتية لإعادة إنعاش الحالة، بتنفس اصطناعي يجريه عاقل، يأخذ بعين الاعتبار مصلحة البلد وأمنه واستقراره الذي يعد رأس ماله الحقيقي.

وعلى كل من نصّب نفسه حارسا وعارفا ومدركا أكثر من غيره لخير الأردن، إبطال وصفة الخراب، وإعادة حساب الكلف والخسائر والأرباح، وأن يرتب الأوراق من جديد حتى نتجنب مصيرا صعبا يتحدث به كثيرون

span style=color: #ff0000;الغد/span

أضف تعليقك