ارجو ان لا تكون هذه الدعوة-كالعادة- صرخة في واد ، فالقدس التي يبدو ان اسرائيل قد استكملت مخططات تهويدها ، لا تقع تحت سيطرة حماس حتى يعتذر البعض عن عدم رفع الحصار عنها او مساندة اهلها المعرضين للطرد والتهجير ، كما انها مدينة لا تخص الفلسطينيين وحدهم ، اتفاقية اوسلو لم تتطرق لاشراف السلطة عليها وانما تخص العرب ، المسلمين والمسيحيين معا ، وبالتالي فان الدفاع عنها ، ومواجهة ما يتعرض له سكانها الفلسطينيون من ظلم وتهجير ، يحتاج الى وقفة عربية ، سمّها وقفة عز ، او وقفة مناصرة: لا فرق ، فالمهم ان نحافظ على هويتها ، ونمنع المحتل من تدميرها وتغيير معالمها والحاقها بكيانه الغاصب.
منذ سنوات طويلة ، بدأت اسرائيل بوضع خطة لتهويد القدس عبر ثلاث حلقات ، الاولى: عزل مدينة القدس عن محيطها ، وعزل المقدسيين العرب عن مؤسساتهم المدنية والادارية والوطنية وعن اي نشاط يحافظ على ترابطهم ، والثانية: تشريع عمليات الطرد وتنفيذها بمختلف الوسائل ، والمحطة الثالثة جلب المستوطنين اليهود واحلالهم محل المقدسيين العرب مسلمين ونصارى ، وقد انتهت هذه المخططات الى نتائج مذهلة ومفزعة لا يمكن حصرها هنا ، ولكن تكفي الاشارة الى ان اسرائيل سحبت منذ عام 1967 الى عام 2007 نحو تسعة آلاف هوية اقامة من المقدسيين ، وفي عام 2007 فقط ، اصدرت اسرائيل رخصة لبناء اول كنيس يهودي في منطقة الحي الاسلامي ، وافتتح في ايلول من العام نفسه على بعد 97 مترا من قبة الصخرة ، ومنحت السلطات المحتلة جمعية عطيران كوهانيم التي تشرف على التوسع الاستيطاني بالقدس تراخيص ببناء 300 وحدة سكنية في حي راس العامود ، و300 وحدة في ابو ديس ،و 150 وحدة قبل جبل المكبر ، 440و في حي آرمون هانا تسيف جنوبي القدس ، وعلى صعيد الحفريات استمرت اسرائيل في العمل لازالة التلة الترابية المحاذية لباب المغاربة ، وواصلت حفر الانفاق لكشف الحائط الغربي للاقصى وتعريضه للانهيار ، وفي عام م2007 فقط تم هدم نحو 100 منزل للفلسطينيين بالقدس.
هذا بالطبع ، غيض من فيض الاحصائيات التي وصلتنا عن الاجراءات الاسرائيلية لتهويد القدس ، وتهجير سكانها العرب، آخرها قرار تهجير آلاف المقدسيين وهدم منازلهم ، لكن من المؤسف ان معظم الحكومات العربية والاسلامية ما تزال صامتة عن الرد على ما يحدث او - ان شئت الدقة - عاجزة عن مواجهته ، الامر الذي اغرى الصهاينة على الاستمرار فيه ، وعدم الالتفات الى صرخات اخواننا المقدسيين الذين يواجهون بارادتهم - فقط - مقررات الاحتلال وجرافاته ومستوطنيه.
الشيخ عكرمة صبري خطيب المسجد الاقصى ، اشار في تعليقه على القرارات الاسرائيلية الى ان الاحتلال وضع مخططا يقضي بزيادة عدد اليهود في مدينة القدس الكبرى حتى يصل عام 2020 الى مليون نسمة ، وحينها سيكون العرب اقلية يمكن ابعادها وتهجيرها نهائيا. يشار هنا الى ان القدس - وهي اكبر مدينة في اسرائيل - قد بلغ عدد سكانها حسب احصائيات 2003 حوالي 690 الف نسمة منهم %33 من اليهود ، و67% من العرب ، وحسب الخطة الاسرائيلية ستكون نسبة سكانها في م2020 (نحو مليون نسمة) %60 من اليهود و40% من العرب.
ما العمل؟ اعرف ان الاجابة تحتاج الى كثير من التفاصيل ، لكن لا بد ان تنهض حكوماتنا العربية والاسلامية ، ومؤسساتنا المدنية الى فعل كل ما تستطيعه لمواجهة هذه الممارسات المفزعة ، والا فاننا سنفاجأ وهل سنفاجأ حقا؟، قريبا باكتمال سيناريوهات تهويد اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ، وعندها لا ينفع الندم ، ولا المفاوضات ولا الاستسلام للامر الواقع.. لانه ببساطة لا يمكن لمسلم او مسيحي او مؤمن ان يقبل بذلك.. او ان يرضى بأن يتحول مسرى الرسول عليه السلام والمكان الذي اجتمع فيه الانبياء الى مدينة يهودية للكنس والمستوطنين والحاخامات.
الدستور