دراما قانون الانتخاب وسياسة اللعب بالنار

دراما قانون الانتخاب وسياسة اللعب بالنار
الرابط المختصر

p dir=RTLطبخة قانون الانتخاب المعدل مرّت عبر مجلس النواب في أقل من ساعتين في ختام جلسة مبرمجة ضمن دورة استثنائية تنتهي مع بدء شهر الصوم والعبادة، في وقت يعتمل الغضب في نفوس أكثرية الأردنيين وهم يتابعون التخبط والاستدارات لدى صنّاع القرار والسلطة التشريعية التي فقدت مصداقيتها./p
p dir=RTL سار مجلس النواب وفق المخطط./p
p dir=RTLنسي أعضاؤه أنهم شاركوا قبل أيّام في مخطط ردة على شعار تسريع أجندة الديمقراطية المرفوع منذ بدء الربيع الأردني، عندما ساهموا في مهزلة تمرير قانون انتخاب متخلّف قبل أكثر من أسبوعين أعاد استنساخ نظام الصوت الواحد المطبق منذ العام 1993، مع تعديلات تجميلية: صوت للناخب في الدوائر المحلية، وثان لقائمة وطنية قوامها 17 مقعدا./p
p dir=RTLوالآن صدعوا لرغبة الملك بضرورة رفع عدد مقاعد القائمة الوطنية إلى 27 مقعداً فقط؛ متناسين تطلعات منتخبيهم وحقهم التشريعي والرقابي والقسم الذي أدّوه عندما جلسوا تحت القبة قبل عامين./p
p dir=RTLلكنهم لم يغيّروا نظام الصوت الواحد الذي ساهم في تخلّف الحياة السياسية وفاقم أزمة إدارة الدولة بتفاصيلها كافة، إلى جانب تفريخ هويات فرعية وعصبيات قاتلة./p
p dir=RTLفذلك ليس على الطاولة ولم يخضع للمساومة في الجلسة الاستثنائية، بحسب الخلطة السياسية القديمة المتجددة التي وضعها العصب السياسي الأمني البيروقراطي، الذي يستعيد أنفاسه بعد أشهر من الضياع والتخبط على وقع الربيع الأردني، وينقلب على غالبية الوعود بمجرد توافر معطيات إقليمية وداخلية ساعدته على إرجاع عقارب الساعة للوراء./p
p dir=RTLزيادة المقاعد المخصصة للقائمة الوطنية تستجيب -بحسب أقوال أصحاب القرار داخل الغرف المغلقة- لمطلب زيادة تمثيل الأردنيين من أصول فلسطينية في العملية السياسية، دون المس بنظام انتخابي يحابي الجغرافيا على حساب الديمغرافيا./p
p dir=RTLوذلك سيصب في ترضية المكون الرئيسي الآخر في المجتمع المقسوم، ويبقي على سياسة الأمر الواقع مع بعض المكياج لتجميل الوجه أمام دول الغرب المانحة وفي الداخل.فبعد اليوم، بإمكان أصحاب النفوذ القول لكل من له موقف من التحولات المبرمجة إنهم حاولوا تلبية غالبية المطالب الشعبية والسياسية، لكنهم لم يستطيعوا العمل ضد أكثر من 60 % من الأردنيين ممن يؤيدون بقاء نظام الصوت الواحد، بحسب غالبية استطلاعات الرأي (مع أن العديد منا بات يعرف كيف تهندس وتنفذ وتوظف هكذا استطلاعات في عملية توجيه المواطنين وتضليلهم)./p
p dir=RTLمبروك للعصب السياسي الأمني الذي نجح مرة أخرى في شراء الوقت، وسلق طبخة تحقق إصلاحات سياسية على قد المقاس: مجلس قادم مطواع شبيه بالمجالس الخمسة التي سبقته، مع قليل من الدسم السياسي./p
p dir=RTLمبروك، لأن المسؤولين سيصرون على أن الإنجازات التي تحققت تندرج ضمن سلسلة تطورات شهدتها عملية الإصلاح السياسي الدائرة منذ عام ونصف العام، بما فيها تشكيل لجنة حوار وطني، وإقرار تعديلات حيوية طالت ثلث مواد الدستور، واستحداث هيئة مستقلة للإشراف على الانتخابات وإدارتها، وتأسيس محكمة دستورية./p
p dir=RTLلكن تلك المخرجات تمثّل نصف الحقيقة، وتعمّق انطباعات بحجم الخديعة وتضليل المواطنين من جهة والدول المانحة من جهة أخرى./p
p dir=RTLفغالبية الأقوال لا تتطابق مع الأفعال. ذلك أن توصيات لجنة الحوار التقدمية وضعت على الرف، بما فيها إلغاء قانون الصوت الواحد الذي أصر الملك قبل أشهر على أنه ولّى إلى غير رجعة./p
p dir=RTLوالتعديلات الدستورية ما تزال مثار نقاش وانقسام بين مؤيد ومعارض، وستحتاج المملكة إلى ثلاث سنوات قبل مواءمة القوانين القديمة مع نصوص الدستور الجديد./p
p dir=RTLفي الأثناء، تتناسل الأسئلة المشروعة حول مغزى قيم النزاهة ومعاييرها التي ستضمنها الهيئة المستقلة في انتخابات ستجرى على أساس قانون لا يمتّ بصلة لمفاهيم ديمقراطية العصر وقيمها./p
p dir=RTLالمخرجات الإصلاحية المحدودة لا ترضي الحراك السياسي بمشاركة جماعة الإخوان المسلمين، التي تشعر بمذاق النصر على وقع صعود الإسلام السياسي في انتخابات بلاد التغيير العربي منذ الإطاحة بحاكمي تونس ومصر./p
p dir=RTLولا مانع لدى الجماعة البراغماتية من زيادة وتيرة المطالب الإصلاحية بالطرق المشروعة كافة، بما فيها ممارسات انتهازية./p
p dir=RTLكما لا ترضي فئات شعبية واسعة، بما فيها كوكتيل هلامي من قوى حزبية يسارية وقومية وشبابية، تتحرك في الشارع دون القدرة على تأطير برنامج عمل صوب طريق سياسية ثالثة تشد إليها الغالبية الصامتة الواقعة بين فكي حزب الدولة أو الإخوان./p
p dir=RTLالانتخابات التشريعية القادمة لن تساهم كثيرا في تنقية أجواء استباقية بمقاطعتها، أو تساعد كبار المسؤولين على الاتكاء إلى علاقات رسمية أفضل مع حركة المقاومة الفلسطينية حماس، القادرة على إقناع حليفها الإخواني وامتدادها على الساحة الأردنية بالمشاركة في عرس الديمقراطية./p
p dir=RTLللأسف، لن تساعد الطبعة الثانية من قانون الانتخاب على إحداث النقلة النوعية المطلوبة لاجتياز أزمة إدارة الدولة بتفاصيلها كافة، وأولها فرز مجلس نيابي قادر على ممارسة دوره الرقابي والتشريعي، وإفساح المجال أمام ولادة حكومة تسندها الأحزاب والكتل الرئيسة الممثلة في المجلس بدل استمرار العمل بآلية تعيين حكومات باتت تأكل من رصيد النظام./p
p dir=RTLمن المستبعد أن تفضي زيادة عدد النواب المتحدرين من أصول فلسطينية إلى إنهاء الاستعصاء في الحياة السياسية والحزبية./p
p dir=RTLفغالبية مقاعد المجلس محسومة سلفا، حسب الدوائر المرسومة على الورق انعكاسا للقوى على الأرض: الغالبية ستمثل قوى محافظة وتقليدية ترتبط بمصالح العصب الأمني البيروقراطي، وأخرى تطفو بفضل محركات المال والنفوذ السياسي./p
p dir=RTLلا أحد يعرف الشخصيات التي ستترشح عن القائمة الوطنية في المدن المختلطة الرئيسة، مثل عمان والزرقاء وإربد، لإيصال مرشحين يؤمنون بدولة المواطنة والعدالة والقانون./p
p dir=RTLفترميم الثقة بعد سنوات على تآكلها سيحتاج لدورتين انتخابيتين على الأقل./p
p dir=RTLولن يفيد قرار الحكومة الأخير بحصر سحب الجنسيات بمجلس الوزراء في إزالة أجواء الخوف والقلق الدائم./p
p dir=RTLوقد يفيد تغيير قانون الجنسية لإزالة الهواجس والانتقادات لدى المكونين الرئيسيين./p
p dir=RTLالغرب، الذي يتساهل مع الأردن بسبب موقعه الجيوسياسي ولدوره الإقليمي، لن يحدث ضوضاء سياسية عالية رغم عدم رضاه عن تخبّطه داخل دوائر مغلقة./p
p dir=RTLلكنّه يصر على قانون توافقي وعلى مشاركة الإسلاميين في الانتخابات القادمة. وقد يبدأ بربط حجم دعمه السياسي والاقتصادي والتنموي للأردن بمفهوم جديد قائم على كثير من الإصلاح يوازيه كثير من الدعم والعكس صحيح./p
p dir=RTLمن حق العصب السياسي الأمني أن يفرح لأنه استطاع شراء الوقت خلال الأشهر الماضية. لكن سياسة ترحيل الاستحقاقات لن تفيد كثيرا، فهي كاللعب بالنار. الفلتان الأمني والعنف السياسي في ازدياد مع بروز قبضة الأمن الخشن واللجوء إلى المقاربة الأمنية على حساب الحوار والتوافقية./p
p dir=RTLالإعلام المرعوب بات في رمقه الأخير قبل أن يرفع الراية البيضاء. المربع الأمني عاد ليتدخل في تفاصيل المشهد السياسي الداخلي كما كان عليه الحال ما بين 1996 و2009. الولاية العامة ما تزال مثار جدال، مثلها مثل عقدة فك التداخل بين السلطات الثلاث./p
p dir=RTLملفات الفساد الكبرى علّبت ووضعت على الرف، بينما أُشغل الرأي العام بحملة تضليل واسعة في قضايا تافهة هنا وهناك بالمقارنة مع حجم المستور./p
p dir=RTLالتحديات الاقتصادية الاجتماعية تتفاقم على وقع عجز الموازنة وارتفاع الدين الخارجي إلى سقوف خطرة وسط فساد نخب الحكم، وتأخر وصول المساعدات الخليجية./p
p dir=RTLالمعادلة الإقليمية تتأرجح فوق رمال متحركة؛ في مصر رئيس إخواني، وفي سورية حرب أهلية مفتوحة على كل الاحتمالات، وجمود على مسار السلام ومخاوف من مخططات حكومة نتنياهو./p
p dir=RTLكل هذه المعطيات قد تتداخل أو تتغير وتدفع إلى انفجار مؤجل لا تحمد عقباه./p
p dir=RTLوالأخطر، أن الانتخابات ستأتي بمجلس خال من معارضة برامجية حقيقية، لن يساهم في حلحلة المشاكل العالقة، على عكس رهان المنظومة الرسمية، بخاصة إذا قاطعت القوى الرئيسة الانتخابات./p
يعبر الأردن لحظة تاريخية كلفتها عالية، لن يجدي معها تبسيط الأمور بأرقام رياضيات ومعادلات ورقية. فقد يأتي اليوم الذي تقاس فيه القرارات المطلوبة بحكم الاضطرار وليس بحكم الاختبار. فمن سيعلق الجرس هذه المرة؟

span style=color: #ff0000;الغد/span