خيبة المعلمين في نقابتهم!
اشعر - كمراقب - بخيبة امل حين اتابع هذه “السجالات” المخجلة التي يتداولها اعضاء في نقابة المعلمين، فبماذا - اذن - يشعر “المعلمون” الذين ناضلوا من اجل الوصول الى حلمهم بانشاء نقابة تتبنى قضاياهم وتدافع عن حقوقهم؟
كنت سأتفهم - بالطبع - وجود خلافات واستقطابات داخل النقابة حول ما يطرح من اولويات، سواء تقلصت بصندوق التكافل او التقاعد او التأمين الصحي، او حتى بروز “ثلث” معطل او مماطلة في اقرار النظام الداخلي، لكنني لم اتصور ابدا ان “تسقط” الاطراف في حرب عنوانها “الفساد” وفي اتهامات جارحة ومباريات فاضحة تسللت - عن سابق قصد - الى الاعلام، ولا هدف من ورائها سوى اشهار نعي “النقابة” واخراج القائمين على “فكرتها” من دائرة “الملّة” التربوية، ان لم نقل الملّة الاخلاقية والوطنية ايضا.
هذه ليست ابدا صورة “النقابة” التي وقفنا مع اخواننا المعلمين الذين ضحوا للمطالبة بانشائها، ودفعوا ثمن مواقفهم تلك برضى واقتناع، وليست - ابدا - صورة “البيت” الذي يفترض ان يكون “ملاذا” للمعلمين، بما يمثله المعلم هنا من “قيمة” علمية واخلاقية واجتماعية، وبما يعبر عنه من “خطاب” نظيف وسلوك قويم والتزام “بعدم الجهر بسوء” الاّ اذا كان قد ظلم من جهة لا يحتمل التعامل معها الاّ “بالكشف” وهو ما لم يحدث، لان ما يدور داخل النقابة هو صراع بين “الاخوة الاعداء” لا على “اصلاح” النقابة وخدمة المنتسبين اليها، وانما على اجندات اقل ما يقال عنها انها مخجلة.
حين سألت بعض المعلمين عما يحدث في نقابتهم، ذكروا لي تفاصيل كثيرة حول التحالفات التي جرت قبل الانتخابات، والصفقات التي تمت، والتجاوزات التي شارك فيها اغلبية “الفائزين”، من الصعب - بالطبع - ان تضع المسؤولية على طرف محدد، ومن الصعب - ايضا - ان يتمكن المجلس الحالي “بتركيبته” التي تداخل فيها “الحزبي” بالمهني من تجاوز حالة الانسداد، سوء “الانسجام” التي ترسخت داخله، لكن لا بدّ من البحث عن “مخرج” لانقاذ صورة “النقابة”، وقد قصدت هنا الاشارة الى “صورة” النقابة لانها تمثل “حلما” طال انتظاره، وتعكس “قيمة” اخلاقية تستمد مشروعيتها من قيمة المعلم الذي لطالما دعونا الى “اعادة” الاعتبار اليه، اما “النقابة” كهيئة فيمكن تجاوز مشكلتها حتى لو كان “الحل” هو “الحل”.
لدي اقتراح ارجو من اخواننا ان يجربوه، وهو “التوافق” على هدنة لمدة شهر واحد، بموجبها يتعهد الجميع بان يلتزم “بالصمت” الاعلامي، وان تتوقف “التراشقات” بين الاطراف، وفي اثناء الشهر يعقد ما يلزم من “لقاءات” لتصفية الخلافات والوصول الى “تفاهمات” حول مختلف القضايا، واذا لم يقدر لهذا المسار ان ينجح فلا بأس من دعوة “الهيئة” العامة الى اجتماع لمناقشة “حالة” النقابة.. والوصول الى مخرج من خلال التصويت على الاقتراحات المقدمة باغلبية اصوات الحاضرين.
باختصار، لا تختلف “صورة” النقابة عن “صورة” مجتمعنا وما يحدث فيه من انقسامات، فهي -بالتالي - افراز لحالة من “الارتباك” التي نعاني منها على كل صعيد، لكن - قياسا - باوضاع النقابات الاخرى التي نجحت في “تجاوز” هذه الحالة نسبيا، كنا نأمل من نقابة المعلمين ان تقدم لنا نموذجا اخر يسعفنا في الشعور باننا انجزنا وبأننا نتقدم للامام ولا “نأسف” على تعب الالاف من المعلمين المخلصين الذين تركوا “قضاياهم” وهمومهم امانة في “خمسة عشر” عضوا تم اختيارهم لتمثيلهم في مجلس النقابة.
ارجوكم، لا تخيبوا املنا فيكم، وتوقفوا عن “نشر” غسيلكم على الملأ.
الدستور