خلافات أحزاب المعارضة

خلافات أحزاب المعارضة
الرابط المختصر

عندما أسست أحزاب المعارضة لجنتها التنسيقية العليا، كان الهدف منها تعزيز العمل المشترك محليا، لاسيما أن الأهداف العامة لهذه الأحزاب متشابهة وقريبة من بعضها، فيما شقة الخلافات قليلة، بالرغم من الاختلافات الجوهرية على صعيد أيديولوجياتها وفكرها.واستطاعت هذه اللجنة تجاوز الكثير من العقبات والتحديات والخلافات، والحفاظ على وجودها كهيئة تنسيقية لأنشطة أحزاب المعارضة العامة.

ومع أن هذه اللجنة فشلت في معالجة بعض العقبات الكأداء؛ مثل توحيد مواقفها من الانتخابات النيابية أو النقابية، أو بشأن بعض القضايا السياسية؛ ومنها عملية الإصلاح  المحلية، إلا أنها استطاعت البقاء والاستمرار، بل كانت نشيطة، وتحولت إلى هيئة قيادية لغالبية أنشطة أحزاب المعارضة وفعالياتها المختلفة.لكن يبدو أن ما لم تستطع الخلافات بشأن الأحداث والقضايا المحلية فعله في "تنسيقية المعارضة"، ستستطيعه الخلافات في المواقف حول القضايا القومية.

فقد صمدت "تنسيقية المعارضة" بالرغم من التباين الكبير في الآراء المحلية بين المنضوين تحت مظلتها. ولكنها تشهد الآن انشقاقا غير معلن، ولكنه واضح وصريح وخطير، قد يودي بها كمظلة تنسيقية لأحزاب المعارضة.

وقد وقع هذا الانشقاق على خلفية التباين في المواقف مما يحدث في سورية ومصر. مع أن أحزاب المعارضة نفت مؤخرا أن تكون "التنسيقية" فصلت حزب جبهة العمل الإسلامي من عضويتها، ومع أن "العمل الإسلامي" أيضا أكد عدم خروجه من "التنسيقية"، ورفضه ذلك، إلا أن الطرفين أقرا أن الخلافات بشأن القضايا القومية باعدت بينهما، بحيث لم يحضر "العمل الإسلامي" اجتماعات اللجنة منذ ثلاثة أشهر، نتيجة للاختلافات السياسية حول مصر وسورية، والأحداث التي يمر بها البلدان.

هذا الغياب يدل على أن الأمور تتجه نحو الانقسام والابتعاد، لاسيما أن الحوار بين هذه الأحزاب أصبح شبه مقطوع، وصار تبادل الاتهامات هو السائد بين كوادر هذه الأحزاب؛ بحيث غابت لغة التفاهم، ولجأ كل طرف إلى تعزيز الانقسام بدلا من البحث عن القواسم المشتركة.من الطبيعي أن لا تتفق أحزاب المعارضة على كل شيء.

ولكن الغريب أن يؤدي تباين المواقف المتعلقة بقضايا قومية، وليست محلية، إلى الانقسام والتباعد، ورفض الآخر الذي كان حتى وقت قريب هو الأقرب والحليف.نعم، سارعت أحزاب المعارضة إلى نفي أن تكون اللجنة التنسيقية فصلت الإسلاميين من عضويتها، وهذا أمر جيد، ولكن لا يكفي.

فهذه اللجنة حتى تستمر، وتواصل عملها، تحتاج إلى أكثر من النفي؛ تحتاج إلى حوار جاد وعميق بين أعضائها، لعل وعسى تتمكن من الإبقاء على هذه الهيئة التنسيقية المهمة لها بالدرجة الأولى.

من مراقبة ردود الفعل، وتبادل الاتهامات بين الكوادر والعناصر القيادية وغيرها، فإن ذلك "الحوار" يبدو مستبعدا الآن، بل إن الخلاف سيتعمق أكثر.

ولكن يظهر أن أحزاب المعارضة تحاول الهرب إلى الأمام من خلال قبول غياب الإسلاميين عن اللجنة، مع الإبقاء عليها كهيئة تنسيقية إلى حين تطرأ ظروف جديدة قد تعيد الأمور إلى نصابها. ولكنهم يتناسون عمدا أن ما يحدث الآن هو انقسام خطير إلى درجة قد لا تعود معها المياه إلى مجاريها كما كانت في السابق.

والحل هو الحوار لتعزيز القواسم المشتركة، وليس ترك الأمور على حالها، لعل وعسى يطرأ شيء جديد يغيرها نحو الأفضل.

 الغد

أضف تعليقك