التركيبة المقترحة للجنة تصلح لعقد مؤتمر وطني او حوار ماراثوني
تتقدم الحكومة بخطوات ثقيلة لانجاز الترتيبات اللازمة لتشكيل لجنة الحوار الوطني, وقد اصبح هذا السلوك محل انتقاد من طرف مرجعيات عليا, وتشكيك من جهة احزاب وقوى تخشى من نتائج ما تسميه بالتسويف الحكومي.
المخاوف من تعثر او فشل الحوار الوطني قبل ان يبدأ تبدو مشروعة. فبالامس فقط وجه رئيس الوزراء الدعوة الى الهيئات والاحزاب والجمعيات لتسمية ممثليها في لجنة الحوار الوطني وامهلها لنهاية الاسبوع الحالي لتزويده بالقائمة النهائية.
بهذه الطريقة يضيع وقت اضافي فوق ما ضاع في المداولات حول طريقة تشكيل اللجنة, والجدل حول دستورية تكليف مجلس الوزراء لرئيس مجلس الأعيان برئاسة اللجنة, والبرنامج التنفيذي لعملها وما الى ذلك من تفصيلات أحسب ان اللجنة ستغرق فيها على حساب المسائل الجوهرية.
والمخاوف لا تقف عند هذا الحد فقط وانما تتعدى ذلك لتشمل قوام اللجنة وتركيبتها فالحكومة وفق التصريح الرسمي وجهت الدعوة لكل هيئة وحزب ونقابة وجمعية سياسية كانت او نقابية وتجارية وثقافية وحقوقية ونسائية الى جانب الشخصيات المستقلة وممثلي الشباب والطلاب والمحافظات والمخيمات. والقائمة تطول.
مثل هذه الدعوات تصلح لعقد مؤتمر وطني وليس لتشكيل لجنة للحوار حول مواضيع محددة لا بل موضوع واحد رئيسي هو قانون الانتخاب. واذا تشكلت لجنة موسعة بهذا الشكل فنحن سنكون امام ماراثون للحوار الوطني لا نهاية له في اشهر او حتى سنة واحدة.
اعتقد ان تشكيلا من هذا النوع هو وصفة للفشل. لأننا ازاء صيغة بيروقراطية ثقيلة الحركة يصعب ان تتقدم في النقاش إنشاً واحداً في السنة. والحالة العامة في البلاد تستدعي سباقا مع الاحداث والتطورات من داخلنا ومن حولنا, وليس جلسات للعصف الذهني.
القضية لا تحتاج الى كل هذا العناء, المطلوب لجنة لا يزيد عددها على ثلاثين شخصية تمتلك الخبرة السياسية وتحظى بالمصداقية وتمثل التيارات وليس الاحزاب ولها حضور عام وليس مناطقيا أو فئويا. لجنة رشيقة القوام وفي نفس الوقت غنية بالافكار والتصورات الخلاقة والقادرة على تجاوز الاشكاليات بحلول ابداعية تأخذ عملية اصلاح النظام البرلماني والسياسي خطوات الى الأمام.
ولتجاوز مأزق الشرعية والتمثيل للجنة على مستوى وطني لا بد من غطاء ملكي على نحو ما للتشكيلة, والاعلان سلفا عن أن موعد انتهاء اعمالها لا يزيد على ثلاثة اشهر من تاريخ تشكيلها, ثم يطرح ما تتوصل اليه من اقتراحات لنقاش عام قبل ان يتحول مشروع قانون يقدم الى مجلس الأمة قبل نهاية العام الحالي.
كما يمكن للجنة بعد تشكيلها ان تجري سلسلة لقاءات مع مختلف الفعاليات الوطنية للاطلاع على تصوراتها حيال التعديلات المقترحة على قانون الانتخاب وتفتح في نفس الوقت الباب لاستقبال اقتراحات مكتوبة من الهيئات والأفراد كسبا للوقت
العرب اليوم