خصومة مع وزيرة

خصومة مع وزيرة
الرابط المختصر

أمضت وزيرة الثقافة عمرها تقدم نفسها بكتابة رقيقة يلحظ فيها الناس رغبة بالسير "الحيط الحيط" وبعيداً عن التجاذبات، وتوخي عدم تسجيل أية مواقف واضحة تضع شخصيتها في معمعة أي جدال أو خصومة. وهذا لم يمنعها من إكتساب عضوية الوسط الثقافي، فُحسِبت عليه، وحظيت بسمعة "مثقفة بحالها".

ولم تكن هذه السمعة (على تواضعها) سيئة، فقد جاءت بها وزيرة!

وكان يمكن أن يكون ذلك جيداً ليس لها شخصياً فحسب، ولكن للثقافة والإبداع وأهلهما أيضاً، لولا أن المرأة التي "تسير الحيط الحيط" إكتشفت أنها قادرة على افتراس مكتسبات الثقافة على حساب زملائها المثقفين!

وبهذا أغارت، في أول غزواتها، على مشروع التفرغ الإبداعي ومجلات الثقافة!

وهنا، في هذا خصومة كبيرة مع وزيرة تحتجب في وزارة الثقافة، وتبرر نفسها و"قراراتها" بأفكار ومقولات تتناقض مع آرائها المنشورة، ومع مقررات مؤتمرات وطنية ناقشت قضايا القطاع الثقافي، ومع استراتيجية حكومية مقرة لـ"التنمية الثقافية"..

وهذه الخصومة لها عناوين واضحة..

الأول؛ أن الوزيرة لا تجد ما تبرر فيه قراراتها، إلا كلاما مرفوضا من حيث المبدأ، ويخل بواجبات وظيفتها العامة. فهي تؤكد أنها تصر على القرارات التي اتخذتها لأنها: "حرة ورأسها ناشف"!

وهذا رائع لو كان صحيحاً. ولو كان صحيحاً لما استنكفت عن موقفها الذي كانت تتبناه خارج الوزارة!

الثاني؛ أن الحكايات المحيطة بالوزارة، والمتداولة، تقول أن "حرية الوزيرة ونشافة رأسها" لم يصمدا ولم يسعفاها أمام الأمين العام الذي يقال أنه يتولى كل شيء، ويقرر كل شيء، تاركاً لمعاليها الاحتجاب في المكتب الذي تحول إلى "محرم" من نوع ما، لا يجوز لأحد دخوله من خارج بيت الوزارة. وان الحديث مع الوزيرة يتم من خلف "الشق".

نريد أن نعرف شيئاً حقيقياً عن ذلك!

والثالث؛ أن الوزارة كانت أعلنت منذ شهر عن شروط التقدم لمشروع التفرغ الإبداعي. وأذاعت ذلك في الصحف ووسائل الإعلام وعلى موقع الوزارة الإلكتروني، فما الذي حدث في أقل من شهر، ليتم تجميد المشروع، وتنكث الوزارة بإعلانها والتزامها..؟

والرابع؛ أن الوزيرة استقبلت منذ فترة وجيزة الهيئات الثقافية وأغدقت في تلك اللقاءات الوعود، فهل كانت تخاتلهم فتحدثت بالعناوين وأغفلت ذكر الإجراءات مؤكدة الرفض من عموم المبدعين والمثقفين!

وفي هذا استغفال واستفراد بالقرار الثقافي بعيداً عن من يعنيهم الأمر!

والخامس؛ من المفترض أن مجلس الوزراء هو من أقر مشروع التفرغ الإبداعي ضمن خطة التنمية الثقافية، فما مدى قانونية أن تتصرف الوزيرة بالتجميد أو الإلغاء لمشاريع فيها قرارات من مجلس الوزراء..؟

والسادس؛ يركز الكلام الصادر عن الوزيرة لوسائل الإعلام بأن قرارها مدفوع بضائقة مالية تعانيها الوزارة؛ ولكن معاليها تتناسى أن مشروع التفرغ الابداعي والمجلات والمديريات في المحافظات هي بنود سنوية ثابتة على موازنة الوزارة، فأين ذهبت المخصصات المالية المقرة لهذه البنود؟

والسابع؛ ثمة حديث يتردد في سياق التبريرات بأن الوزير السابق استنفذ كامل الموازنة المخصصة للوزارة وبنودها. وفي هذا، لا يجوز ترديد كلام غير مسند، وغير مقترن بالإحتجاج؛ فالموازنة الحكومية التي يقرها مجلس الأمة، يتم توجيهها بمخصصات معلومة إلى بنود محددة. ولا حق للوزيرة ولا لأمينها العام التجاوز عن مخالفات سابقة يعلمونها، ومعالجة آثارها على حساب الوظائف الأساسية والحيوية للوزارة، بإلغاء بنود الصرف دون البحث بمصير المخصصات..

الثامن؛ إذا صح ما يشاع بنشاط حول الموازنة المهدورة، فإن هذا ينبهنا إلى أن لا يتعلق بالوزير السابق وحسب، بل ويتعلق بالأمين العام. وأمين عام الوزارة الحالي في عهد الوزيرة الحالية، هو نفسه أمين عام الوزارة في عهد الوزير السابق. فما مسؤوليته عن اهدار مخصصات الوزارة في غير البنود الموجهة إليها. وما مسؤولية الوزيرة التي تتجنب القيام بمسؤولياتها إزاء ذلك..

وزيرتنا "الرقيقة" تذكرني بوزير ثقافة محمد مرسي، الذي كان أهم تصريح "ثقافي" له هو أنه يكره المثقفين، في حين كان ابتدأ بما ابتدأت به معاليها، إذ كان صب إجراءاته التقشفية على دار الأوبرا المصرية، التي هي واحد من أهم بيوت الفن والثقافة في العالم..!

أتوقع من الوزيرة لتنسجم مع نهجها الوزاري أن تكرس ما بقي من ميزانية الثقافة لنشر "خطابات" رئيس الوزراء، في أعمال كاملة!

 

أضف تعليقك