حوار مع السفير الإيراني
يرى السفير الايراني في عمان ان الصراع بين الغرب وطهران ليس صراعا "نوويا" وانما حضاري بامتياز ، فالغرب لا يريد لأية دولة في العالم الاسلامي ان تمتلك "اسرار" التقدم العلمي والتكنولوجي ، او ان يصبح لديها مشروعا حضاريا تستطيع من خلاله ان تقدم نفسها للعالم ، من باب الندية والتكافؤ ، كشريك لا مجرد تابع وكقوة يحسب حسابها ، لا "كأمة" لا وزن لها ولا اعتبار.
ويحاول السفير ان يدافع عن موقف بلاده تجاه ثلاث "تهم" او شبهات توجه اليها: تهمة التدخل في العراق ، وتهمة النفوذ والتمدد السياسي وتهمة الاختراقات المذهبية ، فطهران كما يقول لم تقدم اي مساعدة للمحتل الامريكي وهي تتبنى سياسة واضحة ضد الاحتلال ومع استقلال العراق واستعادته لسيادته ، وتقدم -ايضا - دعما للمقاومة العراقية ، وطهران -ايضا - لا تفكر بمنطق الهيمنة او تصدير النفوذ ولا تتدخل في شؤون الدول الاخرى ، ولا يوجد اي دليل على انها تمارس "اختراقات" مذهبية" لأنها لا يمكن ان تفعل ذلك لسبب بسيط وهي ان دخولها محيطها العربي والاسلامي لا يمكن أن يتحقق الا بالشراكة وتبادل المصالح من البوابات المشروعة لا من خلال تغيير مذهب مئة شخص او حتى الف من الذين يجمعهم معها مشترك الدين الواحد.
وحول العلاقات العربية الايرانية يؤكد السفير ان مساحة المشتركات بين الطرفين تتجاوز الـ %80 وان الباقي مجرد اختلافات يمكن التفاهم والحوار حولها ، لكن المشكلة ان الآخرين يريدون اشغال العرب والايرانيين "بخلافات" وهمية ليمنعوا اي لقاء بينهما ولكي يتفردوا بالمنطقة وهذا -كما يقول - ما يفترض ان ننتبه اليه حين يبالغ البعض في اثارة ملفات مثل النفوذ والاختراق الشيعي او غيرهما ما يثير المخاوف والهواجس بين الطرفين.
ولا يخفي السفير بان بلاده تدعم حركات "المقاومة" في لبنان وفلسطين لكنه يتساءل: هل نسألهم قبل ان ندعمهم فيما اذا كانوا سنة ام شيعة؟ ويجيب: لا بالتأكيد ، نحن ندعم اخواننا الذين يناضلون ضد الاحتلال وهذا واجب علينا ويكفي ان ايران التي كانت من اقرب الاصدقاء لاسرائيل تقف -منذ ثورتها - ضد هذا الكيان وتدعم كل من يواجهه.
ويطمئننا السفير على "صلابة" الجبهة الداخلية في ايران ، وعلى منجزاتها العلمية والتكنولوجية وقدرتها على مواجهة اي اعتداء يوجه اليها ويقول: الآن ، تشعر ايران بأنها "قوية" وتستطيع ان تردّ على اي هجوم يستهدفها ، وهي تمدّ يدها لاخوانها العرب والمسلمين وترى فيهم "سندا" لها ، ولا تريد منهم اكثر من "مواقف" سياسية تتفهم حقها في الاعتماد على نفسها ، وتطوير امكانياتها العلمية.
ويتمنى السفير ان تتطور علاقات بلاده مع الاردن سياسيا واقتصاديا ويقول بانه يسعى جاهدا لتحقيق ذلك وربما تكون زيارة وزير الخارجية الايراني المتوقعة لعمان قريبا ، مناسبة لبحث تطوير هذه العلاقات واخراجها الى دائرة "الدفء" المطلوبة.
فهمنا من الرسائل العديدة التي وجهها السفير الايراني لدى طهران رغبة في الدخول الى عالمنا العربي -اسوة بأنقرة - وان بوسعها ان تقدم عروضا افضل لاقناع "اللواقط" التي لم تستقبل ذبذباتها بعد ، بأنها تقدّر هواجس الجيران وتراعي خصوصياتهم ومستعدة للجلوس معهم على طاولة الحوار .. اي حوار؟،