حوار تنقصه الثقة و(تصليحة) الدستور لإنقاذ (اللجنة)

حوار تنقصه الثقة و(تصليحة) الدستور لإنقاذ (اللجنة)
الرابط المختصر

المواطن لم يعد يُصدّق الحكومات من كثرة ما جَرّب وخاب أمله .

لم تكف الخطوات الاصلاحية المتخذة من قبل الدولة لغاية الآن في اقناع قوى الحراك الحزبي والشعبي بجدية التوجه وصدق النوايا. فالمعلمون, رغم الاجراءات القائمة لاستصدار فتوى دستورية بانشاء نقابة, مصرون على الاضراب غداً. والمطالبون بمحاربة الفساد ومحاكمة الفاسدين لا يكترثون بتصريحات رئيس هيئة مكافحة الفساد عن بدء التحقيق مع وزراء سابقين وشخصيات رفيعة تتولى مناصب عليا قد ينتهي بها المطاف في السجن. دعاة الاصلاح السياسي والدستوري يواصلون تنظيم مسيرات "الحسيني" كل جمعة غير عابئين بتشكيل لجنة الحوار الوطني, لا بل يهتفون ضدها ويتمسكون بشعار "الشعب يريد اصلاح النظام" في اشارة مباشرة الى تعديل الدستور.

كل خطوة ايجابية تخطوها الحكومة سرعان ما يتلاشى اثرها في الشارع بعد حين, وتقابل بالتشكيك الوعود الرسمية بالاصلاح.

هل الحكومة غير جادة في ما تقول ام ان قوى الحراك صارت تهوى المسيرات وتدفع باتجاه التأزيم?.

لا هذا ولا ذاك وارد في رأيي, الاشكالية هي في ازمة الثقة المتفاقمة منذ سنوات. المواطن الاردني لم يعد يصدق الحكومات وهو محق في ذلك, فقد جرب من قبل ولم يجن غير الخيبات. والحكومة الجادة مهما امتلكت من ارادة وعزيمة للاصلاح ستظل في مرمى النقد الى ان تثبت العكس بالملموس.

وما يزيد الأمور تعقيدا ان الشارع السياسي يعيش حالة من الفوضى في الشعارات والمطالب وإن تقاطع بعضها عند عناوين رئيسية. وذلك لا يعود الى سوء تقدير او غياب في الرؤية, وانما الى الحجم الكبير من المشاكل والتحديات المتراكمة التي يصعب معها تحديد الأولويات والاتفاق عليها, فالمطالب السياسية تتداخل مع الهموم المعيشية, والهواجس والحسابات الضيقة تطغى على المصالح الوطنية, وهكذا نظل ندور في حلقة مفرغة من دون ان نتقدم خطوة.

يتمحور الخلاف الآن على الخطوات الاصلاحية المطلوبة في هذه المرحلة, الحكومة ترى ان الأولوية هي لقانون الانتخاب, بينما يعتقد الطرف الآخر ان الاصلاح الدستوري لا ينفصل عن تعديل "الانتخاب". هذا الخلاف كان السبب الرئيسي وراء مقاطعة الاسلاميين للجنة الحوار الوطني وهجوم قوى اخرى عليها, الأمر الذي دفع المراقبين الى التشاؤم ازاء فرص نجاح اللجنة في تحقيق الاهداف المرجوة منها, وبان تلقى المصير ذاته الذي انتهت اليه لجنة الاجندة الوطنية و"كلنا الاردن".

هناك من يتطلع الى مبادرة من الدولة لانقاذ الحوار الوطني تأخذ بعين الاعتبار دعوات الاصلاح الدستوري لتكون بنداً رئيسيا على اجندة الحوار, خاصة وان عدداً غير قليل من اعضاء اللجنة سيرهنون استمرارهم بالموافقة على اضافة بند الاصلاح الدستوري الى جانب البنود المتعلقة بقانون الانتخاب والاحزاب.

ربما تكون هذه "التصليحة" الفرصة الاخيرة لتوحيد الخط العريض في الشارع الاردني على برنامج موحد للاصلاح وتجاوز عقدة الثقة المستحكمة في النفوس والاعتراف للمرة الاول ان هناك جدية في الإصلاح والتغيير.

العرب اليوم