حملة منظمة لدفن توصيات "الحوار الوطني" في مهدها
تراجع نبرة الاهتمام بالتوصيات تثير القلق على مصير الاصلاح ...
شكلت الحكومة لجنة سياسية لمتابعة تنفيذ توصيات لجنة الحوار الوطني, باستثناء هذه الخطوة , لم نشهد اي اهتمام رسمي بمخرجات اللجنة.
في الايام الاخيرة من الحوار بدا ان المهمة الوطنية تحولت الى عبء على اصحابها يريدون التخلص منها باسرع وقت , وبصرف النظر عن النتائج. اللجنة وبمجرد ان سلمت التقرير الى الحكومة اعتبرت مهمتها منتهية , الحكومة من جانبها غير مستعدة لتحمل مسؤولية تطبيق التوصيات وحدها , ولذلك ابلغت رئيس اللجنة طاهر المصري بان دورها مستمر الى حين انجاز مشروع قانوني الانتخاب والاحزاب.
على اكثر من مستوى رسمي قوبلت توصيات اللجنة بالفتور والتشكيك وتظهر في الافق ملامح حملة استباقية لاجهاض مشروع قانون الانتخاب في مهده , يقودها نواب بارزون , وشخصيات سياسية بتحريض من مسؤولين , ومن غير المستبعد ان تمتد الحملة الى الاوساط العشائرية , لاختلاق معارضة تبرر دفن " الحوارالوطني " على غرار ما حصل مع الاجندة الوطنية التي تحولت الى مجرد وثيقة شكلية لغايات الترويج الخارجي للاصلاح المزعوم في الاردن.
والمفارقة ان موقف القوى الرسمية المناوئة للاصلاح جاء مطابقا لمواقف الحركة الاسلامية واحزاب المعارضة. وستستثمر تلك القوى موقف المعارضة هذا كغطاء في حملتها ضد قانون الانتخاب المقترح.
نبرة الاهتمام الرسمي في اللجنة ومخرجاتها بدأت تخف بعد ان كانت في السابق تستعجل تشكيل اللجنة وتدفع لتسريع الانجاز , وكانت لافتة اشارة البخيت الى ان قانون الانتخاب سَيُرَحَّل للدورة العادية أواخر العام . هذا الموقف مريب , ويعطي الانطباع بأن الهدف لم يكن سوى إشغال الوقت بالحوار وليس انجاز الاصلاح الحقيقي كما اعلن اكثر من مرة.
ويعزز هذه الشكوك ما يتردد من حديث في الاوساط الرسمية عن توجه لتجاوز توصيات لجنة الحوار بخصوص قانون الانتخاب تحديدا بحجة عدم ملاءمته للواقع, وكأن المطلوب هو قانون يكرس الحال القائمة ولا يغيره للافضل.
هناك عوامل عديدة تقف خلف حالة الارتباك التي نشهدها في الحلقات العليا ويبدو انها تؤثر على قدرة المسؤولين في وضع خارطة طريق لخطوات الاصلاح في الاشهر المقبلة , من بينها عدم وضوح مصير الحكومة المعلّق بين التعديل والتغيير , والتردد في حسم موضوع الانتخابات المبكرة , اضافة الى التطورات الجارية من حولنا , خاصة في سورية, وتاْثير ذلك على المزاج الشعبي المحتقن في البلاد.
التردد وغياب القدرة على حسم الخيارات سيخلفان خيبة أمل كبيرة في الشارع , وسنعود الى نقطة الصفر من جديد.
حالة الاستقرار القائمة الان نسبية وغير دائمة افرزتها وعود رسمية باتخاذ خطوات سريعة للاصلاح , وصَدّق الشارع هذه الوعود , لكن اذا ما اكتشفوا العكس فأن ردة الفعل ستكون عنيفة.
انجاز الاصلاحات يحتاج لوقت , ونفهم ان اقرار قانون للانتخاب غير ممكن قبل انجاز عملية مراجعة الدستور , لكن ذلك لا يمنع من الشروع بخطوات اساسية منذ الان , والحرص على اظهار الارادة بالاصلاح في سلوك الدولة , واعلان خارطة طريق للمرحلة المقبلة , من دون تأخير او مماطلة.واول متطلب لهكذا سياسة هو الاتفاق على لغة واحدة للحديث عن الاصلاح في الدولة , والكف عن ارسال الاشارات التي توحي بتجاوز مخرجات الحوار الوطني واجهاضها.
العرب اليوم