حكومة البخيت.. هل تغادر مربع الازمات بعد التعديل

حكومة البخيت.. هل تغادر مربع الازمات بعد التعديل
الرابط المختصر

جراحة تجميلية لعبور مرحلة انتقالية وانجاز حزمة التعديلات الدستورية

على وقع المطالبات الشعبية برحيل الحكومة وحل البرلمان جاء التعديل الوزاري. الخطوة كانت متوقعة, رغم احتمال التغيير الذي ظل متداولا في الايام الماضية. لكن المعطيات لم تكن لتسمح بأكثر من جراحة تجميلية على الحكومة تمكنها من عبور الاشهر المقبلة الحاسمة, وانجاز الدفعة الاولى من حزمة الاصلاحات المطلوبة, في المقدمة منها تعديل الدستور.

بيد ان التعديل الوزاري لن يغير صورة الحكومة في الشارع, والارجح ان الدعوات لرحيلها ستتواصل بالوتيرة نفسها, هذا اذا لم تبرز قضايا جديدة تزيد من حدة التصعيد.

"الكازينو" و"قضية شاهين" هما عنوان السخط الشعبي على حكومة البخيت, بالنسبة للملف الاول, فإن الاتهامات ستظل تلاحق الرئيس بصرف النظر عن تصويت النواب, ولن يرضى الرأي العام بأقل من استقالته. اما بشأن قضية شاهين فإن خروج ثالث وزير ارتبط اسمه بسفر السجين المذكور ليس كافيا لاغلاق الملف, خاصة وان الخطوة جاءت متأخرة كثيرا ومن المستبعد ان تغير شيئا في الانطباعات السائدة حول الجهة التي تقف خلف " تهريب " السجين خالد شاهين الى الخارج.

بهذا المعنى حكومة البخيت بعد التعديل لم تغادر مربع الازمات التي تغرق فيها للاسباب التالية:

اولها ان مجمل تلك الازمات ترتبط ارتباطا مباشرا برئيس الوزراء شخصيا, اكثر ازمة فريق وزاري. والسبب الثاني: ان العلاقات المتوترة للبخيت مع شركاء اساسيين في صناعة القرار غير مرشحة للتحسن بعد التعديل, لا بل ان التغييرات التي طرأت على الحكومة لا تروق لبعض الشركاء, الامر الذي سيفاقم حدة الخلافات. ثالث الاسباب ان الوزراء الجدد في الحكومة هم من "العلبة" نفسها تقريبا ومن غير المرجح ان يتمكنوا من احداث اي فرق في الظروف الحالية الصعبة. رابعا: التعديل الوزاري لن يساهم في تجسير فجوة المفاهيم والسياسات بين الاتجاهين الرئيسيين في مجلس الوزراء, والمرجح ان الخلافات التي كانت قائمة قبل التعديل ستستمر بعد التعديل.

الفرق الوحيد الذي يمكن ان نلمسه هو في علاقة الحكومة مع البرلمان, اذ يتوقع ان ينجح الوزير توفيق كريشان بالاعتماد على مؤسسات اخرى في الدولة بترطيب العلاقة مع النواب بعد ازمة التصويت على اتهامات الكازينو. ان نزع فتيل المواجهة بين السلطتين سيعطي حكومة البخيت فرصة لالتقاط الانفاس, وتركيز الجهود على جبهات اخرى ما زالت مشتعلة.

عودة الى التعديل فإن الامر اللافت هو اسناد وزارة الداخلية للوزير مازن الساكت وهو شخصية من خارج المنظومة التقليدية للدولة ومن المحسوبين تاريخيا على المعارضة في خطوة تذكر بتعيين رفيقه السابق وزميله الحالي سمير الحباشنة في المنصب نفسه بحكومة فيصل الفايز. يشكل وجود الساكت المعروف بنزاهته وصرامته في "الداخلية" خطوة مهمة لجهة ضبط اداء اجهزة الحكم المحلي وتطوير ادائها لخبرته الطويلة في هذا المجال, لكن الساكت سيواجه تحدي الانسجام مع المؤسسات الامنية التي لم يكن في كل تاريخه على علاقة ودية معها .

لكن هذه النقلة على اهميتها بالنسبة للساكت الا انها تطرح سؤالا حول ما اذا كان "سحب" ملف التطوير الاداري منه بمثابة خطوة لدفن مشروع اعادة هيكلة القطاع العام الذي وضعه الساكت وواجه معارضة من اوساط داخل الدولة كما قوبل باعتراضات بعض فئات العاملين في الهيئات المستقلة, خاصة وان هذه الخطوة سبقها تعميم لرئيس الوزراء يقضي بتأجيل تطبيق الهيكلة.

اما بالنسبة لحقيبة التنمية السياسية التي كانت هي الاخرى في عهدة الساكت فقد عادت الى "صاحبها" السابق الوزير في حكومة الرفاعي المهندس موسى المعايطة, الاجواء مناسبة للمعايطة الان اكثر من السابق لانجاز قانون جديد للانتخابات يختلف عن القانون الحالي الذي قبله المعايطة مكرها. وفي التعديل الوزاري حل الزميل عبدالله ابو رمان مكان الاستاذ طاهر العدوان الذي استقال منذ اكثرمن اسبوع احتجاجا على مشاريع قوانين مقيدة للحريات الصحافية, ولم يبت في استقالته الا في اطار التعديل الاخير. الانظار ستتجه لأبي رمان لمعرفة موقفه من تلك التشريعات, لكن المؤشر الايجابي في هذا الصدد ان ابا رمان كان من موقعه السابق يساند العدوان في رفضه للتعديلات المقيدة للحريات الاعلامية رغم علاقته الوثيقة مع البخيت, نأمل ان يظل على هذا الموقف, ويفتح آفاقا جديدة للعلاقة مع وسائل الاعلام ترفع القيود المفروضة عليه بدل سعي البعض للعودة بنا الى الوراء.

العرب اليوم