حكومات تعمل دون رقابة او مساءلة

حكومات تعمل دون رقابة او مساءلة
الرابط المختصر

ما اكثر البرامج والخطط التي اعدتها الحكومات في السنوات القليلة الماضية وما اقل التقييم والمساءلة لما انجز وما تحقق فعلا, فكل حكومة تأتي تنسف ما قامت به سابقتها وتخترع خطة جديدة وتبدأ بترويجها على اعتبار انها المنقذ الحقيقة ان مدة صلاحيتها لا تتجاوز عمر من اعدها في الخدمة العامة.

اللافت في التطور التنموي الرسمي ان هناك انفاقا كبيرا تم تجييره لصالح خطط استنزفت موارد الدولة المحدودة والعائد كان متواضعا في الجدوى التنموية المستهدفة, ولغاية الان لم نسمع عن اي مسؤول يعترف بتقصير ما في تلك الخطة او البرنامج.

مع زخم المشاريع والخطط نجد ان معدلات الفقر بقيت على ما هي عليه ولم تجد الاموال التي انفقتها الحكومات السابقة على معالجة هذه الظاهرة والتي تجاوزت الـ 700 مليون اي طريق لها, كما ان معدلات البطالة في تزايد مستمر, واعداد الخريجين السنوية التي تتجاوز ثمانين الفا لا تجد في الاقتصاد ما يستوعب اعدادهم الكبيرة من حيث توفير فرص العمل, لا بل ان اعداد العمالة الوافدة في تزايد مستمر, ومعدلات التضخم في ارتفاع متزايد, ومعيشة المواطنين من سيء الى اسوأ فما هي قصة النمو في الاردن?

في الحقيقة ان مسألة النمو الاقتصادي التي تحققت في الفترة الماضية ابتعدت في ركائزها عن مفهوم التنمية الاكثر شمولية من استفادة قطاع ما بالنمو, بمعنى ان كل ما تحقق في السابق بالشأن الاقتصادي كان نموا لا تنمية وهي التي يتطلع الى تحقيقها راسم السياسة العامة للدولة, لذلك فالنمو المتحقق كان يفتقد للروح الجماعية, ومن هنا نجد ان لا فائدة ترجى من ذلك النمو على معيشة المواطنين لدرجة ان بعض المسؤولين يتجنبون الحديث عن المنجزات الاقتصادية بسبب سخط الرأي العام من هذا الموضوع.

يعيب السياسات الاقتصادية التي نفذت في السنوات القليلة الماضية افتقادها لبوصلة الطريق في تحقيق هدف منشود بعينه, فاذا ما سألت عن ما تبتغيه السياسة الاقتصادية للدولة ستجد من يجيبك باننا نتطلع لاستقطاب الاستثمارات الاجنبية, فهل هذا هدف بعينه ام وسيلة داعمة للجهود الرسمية التي تحارب مشكلتي الفقر والبطالة?!! فاذا جاءت كل تلك الاستثمارات ولم تقم بالدور المنشود في تشغيل وتدريب الاردنيين وخلق فرص عمل جديدة لهم, الا يستحق الموضوع من الجهات المعنية المزيد من الدراسة والتمحيص لما نريد حقا من تلك الاستثمارات, وربط جهود الترويج والجذب بالسياسات الاقتصادية التنفيذية للدولة, وهذا لن يتحقق من دون ان تكون هناك استراتيجية عليا للاستثمار وتحديد احتياجات المملكة الاستثمارية قطاعيا.

لكن ما يعيب السياسات الاقتصادية السابقة والحالية ان اقرارها جميعا كان يتم بمعزل عن دراسة واقع واحتياجات المجتمعات المحلية, فولدت غريبة وماتت من دون ان يذكرها احد بخير, ولهذا الامر ارتباط واضح وجلي في مسألتي الاصلاح السياسي والتطور الديمقراطي في المجتمع, لانهما يلعبان دورا مهما في تحقيق الاجماع الوطني ضمن اطار مؤسسي ودستوري, فالحوار الموسع بين اطياف المجتمع يضمن في النهاية الخروج برؤية تنموية واضحة المعالم ومحددة الاهداف قابلة للتنفيذ والمساءلة اذا ما اخفقت, بدلا من ترك تلك الخطط بأيدي فئة واحدة تهاجمها فئة اخرى وتبقى المسألة بين الاخذ والرد بسبب شخصنة العمل الاقتصادي وافتقاده لروح التنمية المستدامة, فلا عجب من انتقاد الشارع العام من ان النمو المتحقق هو نخبوي وبحاجة لعلاج طارئ وسريع

span style=color: #ff0000;العرب اليوم/span