حسام الصمادي دفع فرق الحساب!

حسام الصمادي دفع فرق الحساب!
الرابط المختصر

كما كان متوقّعاً حكم القضاء الأميركي على الشاب الأردني حسام الصمادي بالسجن 24 عاماً، وهو حكم ظالم وجائر، ليس لأنّ القضاء الأميركي غير مستقل، بل لأنّ القوانين التي حُكم استناداً لها قد مُرّرت في الحقبة العرفية للرئيس الأميركي السابق جورج بوش، بعد أن استثمرت إدارته أحداث الحادي عشر من سبتمبر لتنفيذ مشروعها المتطرف، الذي تكشف عنه بوضوح كتابات المحافظين الجدد ومنظّريهم.

ما يهمنا، هنا، التأكيد على أنّ القوانين التي طُبّقت على الصمادي هي عُرفية، ابتداءً، ضد الجاليات العربية والمسلمة هناك، دفع بها تيار سياسي متطرف، وهنالك اليوم مراجعة كاملة من إدارة أوباما وفضح انتهاكات تلك الحقبة، ما يعني أنّ مستقبل حسام – عملياً- ذهب فرق حساب في السياسة الأميركية.

والشاب دفع، أيضاً، فرق حساب الصراع داخل الأجهزة الأميركية على النفوذ والتأثير في صناعة القرار الأميركي، بخاصة مع مجيء الرئيس أوباما، الذي أوحى بوضوح بتخليّه عن سياسات مكافحة الإرهاب، وهو ما يخيف بالطبع الأجهزة الأمنية الأميركية، التي صعد عمل أقسام الإرهاب فيها خلال الفترة الأخيرة بصورة أقرب إلى الطفرة الكبرى، وأصبحت من أهم الأقسام، وهي إن لم تثبت خطورة الإرهاب وديمومته ستفقد هذه الأهمية والبريق.

هل هذه قراءة عاطفية في محاولة للدفاع عن حسام؟ بالتأكيد: لا، فوفقاً للرواية الأميركية نفسها أنّ الشاب تمّ التغرير به، ليس من قبل القاعدة أو أنصارها، بل من الأمن الأميركي، وفي حين لم تكن هنالك قرائن واقعية، فإنّ الأمن الأميركي تكفّل بتوفير كل شيء لإتمام السيناريو، والإيقاع بالشاب المسكين.

من حق الولايات المتحدة أن تدافع عن نفسها وأن تختبر نوايا من تشك بهم، لكن هذا بدافع ترحيلهم أو تسليمهم إلى حكوماتهم، وليس القضاء على مستقبلهم!

المشكلة الحقيقية تكمن في موقف الحكومات الأردنية عموماً التي تتعامل مع قضايا المواطنين الأردنيين، بلا أي اهتمام وبتجاهل كبير لحقوقهم على الدولة. فقط تصوّروا معي أنّ حسام هو مواطن أميركي في الأردن، ماذا سيكون ردّ الفعل الأميركي الرسمي والسياسي والإعلامي!

كان يفترض بالحكومة الأردنية أن تكلّف نقابة المحامين على الأقل بمتابعة القضية وتطالب الحكومة الأميركية بضرورة حضورهم وإطلاعهم على سير المحاكمة وسلامة الإجراءات، ومقارنة القوانين الأميركية بالمعايير القانونية العالمية، ومن ثم محاولة التثبت من حق حسام بعدالة الإجراءات المتبعة!

للأسف كان الموقف ضعيفا، منذ اللحظات الأولى وقد تبرع وزير إعلام سابق بالقول إنّ للشاب أسبقيات أمنية! ومن ثم تجاهلت الحكومة القضية بعد ذلك، وكأنّ الأمر لا يعنيها من قريب أو بعيد.

من السخرية، حقّاً، أن تصدر الأحكام المجحفة بحق حسام بالتزامن مع انتشار وثائق ما ارتكبه الاحتلال الأميركي من جرائم في العراق من جهة، وسكوته على جرائم أكبر ارتكبها المالكي والتيار الصدري، ولولا موقع ويكيليكس الذي فضح الطابق لبقيت الأمور طيّ الكتمان.

هل المجرم والإرهابي، الذي يستحق محاكمة تاريخية حقيقية، هو حسام المغرّر به أم العصابات الإجرامية التي استباحت دماء مئات الآلاف من العراقيين أم الإدارة الأميركية التي قتلت مئات آلاف المدنيين والأبرياء وصمتت على جرائم بشعة، واستباحت حريات الناس وكرامتهم في معتقلات سرية حول العالم؟! بالطبع هو سؤال بدهي لملايين العرب والمسلمين، لكنه غير مفكّر فيه بعد لدى صديقنا العم سام؟!

span style=color: #ff0000;الغد/span